على الرغم من مضي عدة أيام على انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي للوقوف على تطورات مسار التسوية في اليمن ، إلا أن التأكيدات التي خرجت بها تلك الجلسة ما زالت – وستظل – ماثلة أمام الأطراف المعنية بهذه التسوية ، سواءً من حيث تأكيدها على الصعوبات التي تكتنف الإعداد والترتيب لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني أو في التلويح باتخاذ إجراءات عقابية رادعة ضد أولئك الذين يسعون إلى تعطيل هذه التسوية ، بل إن الأكثر أهمية ودلالة في هذا التوافق الأممي تلك التأكيدات التي أطلقها المندوب الروسي المؤكدة – هي الأخرى – على نفس التطلعات والجدية .. وهو ما يشير إلى التوافق الأممي إزاء التسوية في اليمن . لقد وضع تقرير المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر الأسرة الدولية أمام ما تحقق من خطوات في اتجاه الترتيب لانعقاد مؤتمر الحوار ، كما أفاض أيضاً في طرح المخاوف إزاء التحديات والعقبات التي تعترض هذه العملية فضلاً عن تلك الأطراف التي تحاول عرقلة مسار التسوية .. وهو ما يستدعي بذل المزيد من الجهود الإقليمية والدولية لإقناع ما تبقى من هذه الأطراف للمشاركة في عملية الحوار ، خاصة أن اللجنة الفنية قد توافقت على وضع إطار يلبي تطلعات كل الأطراف على الساحة الوطنية. ولا يفوتني هنا الربط بين هذه التأكيدات الدولية وتلك التي كان قد أطلقها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قبل أيام بشأن أهمية مشاركة كافة الأطراف اليمنية في هذه العملية الحضارية كونها المخرج الآمن من أسر تداعيات الأزمة الراهنة وتحصيناً لمستقبل اليمن والمنطقة على حد سواء .. وهي نفس التصريحات التي واكبت تداول معلومات خليجية على أن ثمة مساعي حثيثة يبذلها وزراء خارجية هذه الدول لإقناع جانب من قيادات الحراك الجنوبي في الدخول والمشاركة في الحوار الوطني ، إذ ينظر اليمنيون إلى مثل هذه المساعي بتقدير عال ، خاصة أن من شأنها إزالة تلك العقبات التي تعترض التئام هذه العملية السياسية في موعدها المحدد منتصف الشهر الجاري. وإذا كان من حق المرء أن يتفاءل بما تم انجازه من خطوات للانتقال السلمي للسلطة حتى الآن ، إلا أنه يجب ألا يغيب عن الذهن تلك المخاوف من تلكؤ بعض الأطراف عن المشاركة أو محاولة البعض الآخر وضع العراقيل أمام انعقاد المؤتمر في موعدة المحدد والذي سيكون – كما أكد على ذلك كافة الرعاة – بمثابة مظلة آمنة للمتحاورين المشاركة بفاعلية وجدية دون سقوف محددة ولما من شأنه إنجاز ما تبقى من المرحلة الانتقالية بصورة سلسة وآمنة وصولاً إلى الإنتخابات القادمة مطلع عام 2014م . وعلى ذلك فإن المراهنين على تعطيل هذه العملية أن يدركوا جيداً معاني ودلالات الإجماع والتوافق الأممي حول هذه التسوية وبأنه لا خيار أمام هذه القوى غير خيار الحوار وبمعزل عن مغبة الانجرار إلى إعادة استنساخ التجارب المريرة في الصراعات المسلحة التي ألحقت بالوطن الكثير من الخسائر وإعاقته عن اللحاق بركب التطور .. ولأنني – وغيري – نفهم كثيراً أن يكون ثمة إجماع أممي إزاء القضية اليمنية في وقت تتنازع هذه الإرادة الأممية اختلافات عميقة إزاء الكثير من قضايا المنطقة والعالم .. كما وأفهم – وغيري أيضاً – أن المواطن اليمني بحاجة ماسة من القوى السياسية أن تتنازل لبعضها البعض ولما فيه مصالح الوطن العليا دون الاكتراث لذلك النزوع الأناني الجهوي والمناطقي الضيق .. فهل نحن فاعلون ؟! . رابط المقال على الفيس بوك