بغض النظر عن مستوى أداء كل فريق من الفرق التسع المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني، فإن انجاز وتدشين الجلسة العامة النصفية لمؤتمر الحوار الوطني، إنما يمثل تحولاً كبيراً ومهماً بكل ما في الدلالة من معنى، إذ يعني - أولاً وقبل كل شيئ - انتصارا للحل السلمي على خيارات الحرب وكذلك التوافق عوضاً عن التنافر والتطلع إلى المستقبل بدلاً عن الانشداد إلى الماضي. أقول، بغض النظر عن الصعوبات التي اكتنفت أداء الفرق التسع في إطار الاستخلاصات للقضايا الوطنية المطروحة أمامها، فإن ثمة إرادة قوية لدى أعضاء هذه الفرق، تجسدت كثيراً في صدقيه الأداء والطرح وموضوعية التناول والنقاش وسلامة النوايا عند الاستنتاج والاستخلاص. أما ما اعترض هذه الفرق من تباين في الآراء، فإنه قد أحيل إلى المؤتمر العام في دورة اجتماعاته النصفية الراهنة – وهذا طبيعي حيث تضطلع هذه الاجتماعات بمسؤوليات التوقف أمام تقارير تلك الفرق والاستفاضة في نقاشها والموافقة عليها، خاصة أنه تم تشكيل لجنة التوفيق التي ستعمل – دون شك – على معالجة أي تباينات قد تنشأ ومحاولة التوصل إلى أحكام توافقية بشأنها. وهذه الخطوات تأتي في إطار جوهر المبادرة الخليجية وآلياتها ذات الصلة بمراحل مؤتمر الحوار. إن مبعث التفاؤل في إنجاز مهام الفرق التسع في هذه المرحلة، لن يتأتى – فقط – من الحرص الوطني العام على إنجاز هذه المهام الوطنية وإنما يأتي كذلك من طبيعة وروح الإجماع الإقليمي والدولي الذي تجلى مجدداً في تأكيدات الاجتماع الوزاري لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد مؤخراً في جدة، فضلاً عن الإشارات المستمرة التي تعبر عنها كل الأطراف الدولية والأمم المتحدة التي تٌطنب كثيرا في إرادة اليمنيين وتؤكد استمرارية الدعم الأممي لمسيرة هذه التسوية السياسية. وإزاء مثل هذه الاستحقاقات الوطنية، فإن ثمة مسؤولية إضافية تتطلب ضرورة السعي المثابر من قبل هذه الأطراف الخارجية للتواصل مع باقي الأطراف السياسية، سواءً في الداخل اليمني أو في الخارج لإقناعها باللحاق والمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الذي يضمن لكل الأطراف طرح أفكارها ومقترحاتها بكل شفافية ودون سقوف محددة وفي الوجهة التي تجنب اليمنيين مغبة الوقوع في دوامة الاحتراب والصراع. وبالمناسبة، فإن هذه المسؤولية لا تقتصر على دفع هذه الأطراف اللحاق بركب الحوار وإنما تتطلب أيضاً إقناع بعض الأطراف الإقليمية رفع أيديها عن التدخل في الشأن اليمني ولما فيه استقرار هذا البلد والنأي به عن التجاذبات التي لا تخدم قضية أمن واستقرار المنطقة برمتها وليس اليمن فحسب. وسيبقى في الأول والأخير أن يحرص اليمنيون داخل قاعة مؤتمر الحوار الوطني على التوافق لما فيه خدمة قضايا شعبهم وإخراج وطنهم من أسر هذه التداعيات.. والأمل كبير في أن يكون المتحاورون عند مستوى هذه المسؤوليات الجسام التي تبدو ملامحها ممكنة في إطار جدية وصدقية الأطراف اليمنية والخارجية على انجاز التسوية عبر الحوار الوطني التوافقي. رابط المقال على الفيس بوك