سأبدو متفائلاً -كغيري- بأن ينعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل في موعده المحدد ..وسأبدو متفائلاً – وغيري أيضاً- بأن تشارك كافة الفعاليات والقوى السياسية على الساحة الوطنية دون استثناء, بل وسأبدو متفائلاً أكثر من غيري وأنا أتوقع أن تتسم هذه المشاركة بالجدية والتفاعل المبني على الشفافية والوضوح والصراحة لإخراج الوطن من أسر تداعيات الأزمة الراهنة بكل مخاطرها ومآلاتها السلبية. ولاشك بأن الجميع سيبدون أكثر انشراحاً وسعادة وهم يرون القيادات اليمنية التي فرقتها السياسة وباعدت بينها الصراعات وهي تلتقي على طاولة واحدة يفكرون معا بعقلية منفتحة تبحث بموضوعية عن المخارج والآليات التي يمكنها أن تضعنا على عتبات المستقبل بعد أن تكون قد ردمت هوة الماضي بكل مرارته ومخاوفة وشكوكه, وذلك – بالطبع- ليس بالمستحيل على قيادات تاريخية مجربة خبرت كلفة الصراعات الدموية والاحتراب الداخلي سواء على الداخل الجنوبي أوالداخل الشمالي أو في ما بين الشطرين قبل قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م ,خاصة أن الشعب لن يكون سعيداً بإعادة إنتاج نفس تلك الصراعات , بل هو في أمس الحاجة إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يقوم على الشراكة المتكافئة دون إقصاء وتحت ظلال سيادة القانون وقيم العدل والحرية والمساواة والديمقراطية . حتى الآن فإن كافة الجهود الإقليمية والدولية تدفع باتجاه إنجاز المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية لتحقيق التسوية السياسية السلمية في اليمن ..وحتى الآن أيضاً فإن أكثر القوى السياسية حيوية وتواجداً ارتضت هذا الخيار ودخلت فيه مقتنعة بأنه لا بديل عن الحوار باعتباره قيمة حضارية لا يمكن الاستغناء عنها في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة وفي كل المراحل التي يمر بها الوطن ..أو هكذا ينبغي على كل القوى السياسية بما فيها تلك المترددة أو المعترضة من الدخول والمشاركة في إنجاز هذه التسوية كونها مسئولية وطنية وتاريخية تقع على عاتق هذه القوى دون استثناء . وأمام مثل هذا الاهتمام الأممي تجاه أهمية معالجة قضايانا الوطنية بتأكيدها على الحوار الصادق الذي سيفضي بالمجتمع إلى آفاق رحبة وجديدة، إذ لا يمكن لأية قوى محلية - أمام هذا الإجماع - أن تتردد في المشاركة مع كفالة حقها في وضع وطرح كل ما لديها من مشاريع وأفكار ودون سقوف تحد من هذا الطرح الهادف الانتقال بالوطن إلى مربع جديد ومختلف عما هو سائد أو ما تركته لنا مرحلة ما قبل المتغير الجذري الذي اعتمل في الساحة الوطنية وتحديداً منذ الانتقال السلمي السلس للسلطة قبل نحو عام . وعلى الرغم من الطروحات التي تظهر هنا وهناك وتبدو محبطة للآمال ومعيقة لجهود استكمال مسيرة التسوية من خلال الرفض المسبق للمشاركة في الحوار ..وأعني بذلك فصائل من الحراك الجنوبي ..على الرغم من ذلك فإن ثمة آمالاً بأن تتضاعف - خلال هذه الفترة- جهود التواصل على مستوى الأممالمتحدة ودول الخليج لتقريب وجهات نظر هذه الأطراف اليمنية والعمل على خلق بيئة جاذبة لدعمها على المشاركة الفاعلة في الحوار وبما يساهم في الحيلولة دون تنفيذ مخطط بعض القوى الإقليمية إدخال اليمن في أتون صراعات دموية لا تذر ولا تبقي وتسهل عملية تجزئة وتفتيت وحدة وكيان وجغرافية هذا البلد الذي يتمتع بموقع جيو-سياسي متفرد وفي منطقة تتقاطع وتتضارب فيها المصالح الإقليمية والدولية . وتبعاً لتلك المعطيات , وبالإضافة إلى أهمية تحرك المؤسسات الراعية للمبادرة الخليجية في إنجاز هذه التسوية, فإن المسئولية لا تقع فقط على هؤلاء الرعاة وإنما تتطلب منا أيضاً - ونحن على عتبات هذا الاستحقاق - أن نواصل الجهود لخلق مناخات الثقة بين مختلف الأطراف والقوى ..وفي طليعة تلك الخطوات البدء بتنفيذ جملة القرارات ذات الصلة بالنقاط العشرين التي وضعتها اللجنة الفنية للحوار أمام الأخ رئيس الجمهورية وتحديداً تلك المتصلة بالقضية الجنوبية وإزالة آثار ما تركته حروب صعدة فضلاً عن مترتبات تداعيات الأزمة والاقتتال العام الماضي من اجل حث الشباب -كذلك -على المساهمة في هذه العملية الحضارية التي سيكون من شأنها أن تزيح عن كاهل اليمنيين هذا العبء الثقيل من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وتعيد إلى الوجدان الأمل وإلى القلوب التفاؤل بالمستقبل .. أو هكذا – على الأقل - دعونا نتفاءل ونحن على عتبات مؤتمر الحوار الوطني الشامل حتى وإن تأجل لبعض الوقت..! رابط المقال على الفيس بوك