على الرغم من التطمينات التي حملها المبعوث الأممي جمال بن عمر عقب عودته إلى صنعاء بعد مباحثاته مع بعض أطراف الحراك الجنوبي في القاهرة والتي وصفها بالبناءة .. على الرغم من ذلك تبقى ثمة حاجة ماسة إلى تغليب كافة القوى السياسية لمصالح الوطن العليا وتناسي تعقيدات وملفات الماضي والأزمات التي ألقت بأعبائها ، ليس على مناطق جغرافية بعينها وإنما انعكست على مجمل خارطة اليمن دون استثناء. إن أهمية المشاركة في الحوار الوطني الشامل لا تقتصر على إيجاد وضعية قانونية لشكل ومحددات الدولة اليمنية المستقبلية وإنما تتوخى – قبل هذا وذاك – إيجاد حلول جذرية لمجمل المشكلات والتعقيدات التي لحقت بالحالة اليمنية والتي عطلت قدرات الشعب في إنجاز كامل مهامه وتطلعاته الوطنية في التغيير والبناء على قاعدة الاصطفاف الوطني الشامل .. الأمر الذي ينبغي لكافة القوى السياسية ومكونات المجتمع أن تحرص علية وتعمل في الاتجاه الذي يحقق تلك التطلعات المشروعة ، خاصة أن اليمنيين قد جربوا على امتداد التاريخ المعاصر مخاطر إنتاج الأزمات وتوالد الحروب وما تتركه من آثار سلبية في شتى مناحي حياتهم واستقرارهم وتماسكهم ، بل وتأكد لهم بأنه لا سبيل لحل معضلاتهم بغير الحوار والحوار وحده فقط . طبعاً مثل هذه التطلعات والأماني يمكن إنجازها على الأرض إذا ما صدقت النوايا وتجردت النخب السياسية والحزبية من نزوعها الأناني الضيق واستبدلته بنظرةٍ موضوعية إلى الوطن، باعتباره قيمة حضارية لا يمكن التفريط فيها أو التنازل عن مقوماتها وكينونتها المتكاملة والواحدة .. ولعله من حسن الطالع أن تتجلى رغبة اليمنيين في الانعتاق من أسر تداعيات هذا الوضع الملتبس وحلقات أزماته المتداخلة بالرغبة الإقليمية والدولية في المضي قدماً لتنفيذ وإنجاز ما تبقى من مرحلة التسوية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية المزمنة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة اليمنية ، حيث يعول الكثير على هذه الجهود والمساعي الرامية إلى مساعدة اليمنيين في الانتقال ببلدهم إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والنماء والتطور وذلك من خلال وضع منظومة متكاملة لمساعدته على هذه الانتقالة الحضارية . وليس غريباً أن تبرز بعض أوجه تلك التجليات في دعم مسيرة تنمية واستقرار الوطن من خلال المساعدات التي رصدتها الدول الشقيقة والصديقة وكذلك من خلال الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي جمال بن عمر في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية وتشجيعها الدخول في العملية السياسية لمناقشة كافة القضايا مثار التباين إزاء مستقبل اليمن والدخول في هذا الحوار دون سقوف محددة أو مسبقة. هذه الجهود الأممية المشكورة ينبغي أن تتواصل بالتزامن مع الثقل العربي المطلوب في هذه المرحلة العصيبة التي تستبق انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، إذ يعوّل اليمنيون كذلك على الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي المزيد من الجهود لتعزيز بنية الاستقرار وفي الاتجاه الذي ينأى بالقضية اليمنية عن مخاطر الانزلاق إلى خيارات صعبة ومريرة وبما يمكن اليمنيين الخروج من هذا النفق المظلم ، خاصة وهم يقفون على بعد عتبات قليلة من استحقاقات الدخول إلى المستقبل بكل التفاؤل والحذر أيضاً !! رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=463995826972831&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater