في الوقت الذي تتهيأ فيه الأطراف جميعها الدخول إلى معترك الحوار الوطني الشامل نجد ثمة من يجاهر برفض مبدأ الحوار تحت أي عنوان ،مشترطاً قبل ذلك فك الارتباط أو الانفصال .. ولا يدري المرء إذا ما تحققت تلك النوايا والغايات ما هية دواعي هذا الحوار إذا ؟ ! صحيح أن المطلوب هو تهيئة المناخات أمام كل الأطراف بمن في ذلك تلك الأصوات المتشددة للدخول في هذا المعترك الحضاري , إلا أن البوادر- حتى الآن – لا تشير إلى أن أولئك المتشددين تجاه قضية الوحدة لديهم الاستعداد للرد على الأطراف والرموز التي تعمل على قدم وساق للإعداد لهذه العملية التحاورية .. ففي الوقت الذي وجدنا فيه تفاعلاً ايجابياً من قبل أطراف الحراك الجنوبي السلمي وكذلك مجموعة الحوثيين لم نجد هذا التفاعل لدى الحراك الجنوبي المسلح وكأنه قد حسم خياراته حتى قبل أن يبدأ الحوار ، إذ وجدنا الأخ علي سالم البيض – على سبيل المثال – يرفض مجرد الرد على مخاطبات ومهاتفات بعض أعضاء اللجنة الفنية وبينهم رئيس اللجنة الأخ الدكتور عبدالكريم الارياني الذي حاول مرارا التواصل مع مكتبه دون رد ،كما أشار إلى ذلك في مؤتمره الصحفي قبل نحو أسبوعين وكذلك الحال بالنسبة للمبعوث الأممي الأخ جمال بن عمر الذي قوبلت مساعيه لإشراك هذه المجاميع في عملية التسوية بنفس الصد والرفض ! ومن الغرابة بمكان أن تلقى مثل هذه الأصوات المتشددة صدى لدى بعض القوى التي تحركها – للأسف الشديد – نزعات ذاتية أنانية ضيقة ومنافع خاصة ، حيث لم يعد خافياً على أحد حجم الأموال التي تتدفق على هذه القوى المتشددة فضلاً عن تدفق الأسلحة والذخيرة التي باتت تمثل خطراً حقيقياً على السلم الاجتماعي وتهدد كذلك مسار التسوية السلمية وتعرقل الجهود المخلصة للانتقال باليمن إلى حقبة جديدة تقوم على أسس حضارية تشارك فيها كافة القوى من جميع الاتجاهات ومختلف المشارب.. وحسناً أن فعلت اللجنة الفنية للحوار الوطني وهي تضع النقاط العشرين في إطار هذه الاستعدادات لمعالجة مترتبات الأزمة وتداعيات الحروب الماضية بما في ذلك حرب صيف 1994م ، بل حسناً أن فعلت هذه اللجنة وهي تدعو كافة الأطراف إلى هذا الحوار دون أن تضع شروطاً مسبقة لموضوعات الحوار ولكنني - من موقعي كمواطن – أتساءل عما إذا كان ثمة جدوى من الحوار إذا ما اشترطت بعض الأطراف المتشددة الدخول إلى هذه العملية بدون سقف الوحدة أو أنها لا تقبل بالحوار لتصحيح مسار الوحدة واحترام التوافق على اختيار وتحديد شكل النظام السياسي وماهية الدولة اليمنية الحديثة والصيغ المناسبة للاتحاد الذي يمكن أن تقوم عليه هذه الدولة وبما يكفل إطلاق القدرات والطاقات لتحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وبما يلبي كذلك متطلبات المجتمع بالاعتماد على موارده الذاتية و النأي به عن مخاطر الانزلاق إلى متاهات الاقتتال الداخلي. .في رأيي المتواضع فإن سد مثل هذه الثغرات التي تتسرب أو تتسلل منها القوى المعادية لمصالح اليمن والتي لها حساباتها الإقليمية في جعل هذه الأرض منطلقاً لتصفية تلك الحسابات ، هو من أوجب واجبات حكومة الوفاق وكافة القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التعاون التي يتحتم عليها - وبشكل فاعل وسريع- سد مثل هذه الثغرات التي ساهمت وإلى حد كبير في إشاعة هذه الفوضى العارمة التي تضرب بأطنابها في أرجاء كثيرة من جغرافيا الوطن وتحت تسميات ما أنزل الله بها من سلطان ، تتعارض مع قناعات الشعب في الوحدة والديمقراطية والتعددية التي لا يمكن لأحد تخطيها . من هنا أهمية بذل المزيد من الجهود والمساعي لإقناع هذه الأطراف بخطورة المنحى الذي تحاول أن تقود اليمنيين إليه والقائم على استبدال العملية السياسية بآليات العنف والاحتراب لتحقيق تلك النزعات الضيقة . أما إذا ما فشلت هذه القوى في إقناع الأطراف المتشددة الدخول إلى العملية السياسية فإن المطلوب الإسراع في بدء عملية الحوار الوطني الشامل وطرح كل القضايا لكي يتمكن المجتمعون من مناقشتها بكل شفافية ووضوح وصراحة للخروج برؤية جديدة تحدد ملامح اليمن الجديد القائم على مبادئ العدل والمساواة والحرية وخاصية المجتمعات المحلية ودون إغفال للآثار السلبية التي تركتها النزاعات والحروب والأزمات التي توالدت في اليمن خلال العقود الماضية وبما يكفل –كذلك – إعادة الحقوق إلى أصحابها دون إبطاء أو مماطلة .. وليس ذلك على المخلصين بالمستحيل . رابط المقال على الفيس بوك: https://www.facebook.com/photo.php?fbid=460784547293959&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater