إن الحديث عن المرونة والتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يعني الوصول إلى المزيد من استقرار الحكومة وتمكينها من تنفيذ برنامجها الذي بموجبه حصلت على ثقة نواب الشعب في المجلس التشريعي، وإذا كنا قد أشرنا إلى رقابة الأولى على الثانية فإنه ينبغي أن نشير إلى رقابة الثانية على الأولى ليتمكن القارئ من معرفة الرقابة المتبادلة التي يرى الكثيرون من المفكرين السياسيين والدستوريين أنها في النظام النيابي المعاصر تحقق التوازن والاستقرار، وتتمثل تلك المظاهر في: حق السلطة التنفيذية دعوة مجلس النواب للانعقاد سواءً في دورة انعقاده العادية أو غير العادية. حق فض دورة الانعقاد العادية قبل انتهائها. حق تأجيل انعقاد الدورة الاعتيادية لمجلس النواب. ولكي لا يُساء استعمال هذه الحقوق فإن النظام النيابي الحديث يشترط النص في الدستور على أنه من حق السلطة التنفيذية دعوة مجلس النواب للانعقاد خلال مدة زمنية محددة، وإذا لم توجه الدعوة من السلطة التنفيذية فإن مجلس النواب ينعقد بقوة القانون، كما يشترط النظام النيابي في حق فض دورة الانعقاد أن لا يكون ذلك قبل إقرار الموازنة العامة للدولة، وفي موضوع تأجيل الدورة أن يكون مقيداً بفترة زمنية قصيرة، ولا يتكرر في الدورة الواحدة، ولكي يتحقق التوازن والاستقرار فإن النظام النيابي المعاصر قد أعطى رئيس الدولة حق طلب إعادة النظر في مشاريع القوانين التي أقرت من مجلس النواب، أما حق حل المجلس النيابي من قبل السلطة التنفيذية فإنه يقابله حق سحب الثقة من الحكومة من قبل السلطة التشريعية، الأمر الذي يجعل كل منها يراقب الآخر، ولكي لا تسيء السلطة التنفيذية استخدام حق حل السلطة التشريعية فإن النظام النيابي قيد ذلك بإعطاء رئيس الدولة قوة دستورية ليكون شوكة ميزان يحقق الاستقرار ويمنع الاختلاف من خلال اشتراط تقديم الحكومة طلباً لرئيس الدولة بحل المجلس النيابي، بالإضافة إلى أن النظام النيابي يعطي رئيس الدولة الحق في حل الخلاف القائم بين السلطتين، ويرجح الحل الذي يرى أنه يحقق الصالح العام، وبذلك يتحقق التوازن والثبات المنشود. إننا عندما نتحدث عن موقع رئيس الجمهورية ونؤكد ضرورة إعطائه القوة الدستورية ومنحه ثقة الشعب من خلال انتخابه من قبل الشعب مباشرة فإن الهدف يكمن في السعي لتحقيق التوازن المطلوب من النظام النيابي لتتجنب خطورة اللعبة السياسية الخطرة التي حذر منها المفكرون في مجال السياسة والدستور في النظام النيابي، وإن ضرورة إخضاع النظم السياسية للدراسة والتعرف على خصوصيات الشعوب البشرية والجغرافية فإننا لا ننحاز إلى غير الصالح العام وليس في أذهاننا ما يتقول به بعض ضعفاء النفوس؛ لأن الهدف هو خدمة مصالح اليمن بإذن الله.