تظهر الدراسات العلمية للنظم السياسية حركة التطور الذي يلبي طموحات الشعوب، واليمن واحد من شعوب الأمة العربية والإسلامية شهد أحداثاً وتطورات مختلفة هدفها الأساسي الإسهام في بناء الدولة اليمنية الحديثة سياسياً بما يجعل منها نموذجاً يحتذى به في الإطار الإقليمي والدولي ويمكنها من بناء القوة الذاتية التي تحقق سلطان الدستور والقانون على كافة المكونات البشرية والجغرافية للجمهورية اليمنية، وهذا لا يتحقق إلا في ظل وحدة الأرض والإنسان والدولة، وتمكين الشعب من امتلاك السلطة وممارستها عبر الديمقراطية المباشرة والديمقراطية النيابية, وقد أشرت إلى ذلك في مواضيع سابقة، ومادمنا في إطار الحديث عن النظام النيابي فإن تفاؤل الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يجسد التوازن الذي يحقق الاستقرار ويمكن مؤسسات الدولة الدستورية من تنفيذ برامجها. إن النظام النيابي يتيح الفرصة للسلطة التنفيذية المشاركة في الجانب التشريعي من خلال الإقرار بحقها في اقتراح مشاريع القوانين وحق رئيس الدولة في المصادقة على القوانين والاعتراض، كما أجاز النظام النيابي المعاصر الجمع بين عضوية السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بمعنى يمكن أن يكون عضو مجلس النواب وزيراً في الحكومة، حيث يرى بعض المفكرين السياسيين والدستوريين أن الجمع بين عضوية مجلس النواب ومجلس الوزراء يخلق حالة من التعاون والمرونة ويعطي الفرصة للأعضاء المشاركين في الحكومة للدفاع عن سياسة الحكومة وإقناع مجلس النواب أثناء جلسات المجلس بالإضافة إلى أن النظام النيابي يقر بحق مجلس النواب في مناقشة الموازنة العامة للدولة التي تبين الإيرادات والمصروفات ويوافق عليها وهو عمل مشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يحقق الانسجام والمرونة والانجاز. إن الحديث عن تنفيذ تلك المهام والمسئوليات المشتركة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يحقق مفهوم الرقابة المتبادلة بين السلطتين ويعزز المرونة والانسجام ويقود إلى انجاز المهام وتحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى للدولة، وهذا يقود إلى أهمية الحديث عن مظاهر الرقابة المتبادلة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وهو ما سنتناوله في الأعداد القادمة بإذن الله.