في الحديث عن النظم السياسية نشير إلى النظام الرئاسي الذي ظهر في الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي يقول بالفصل المطلق بين السلطات، والقول بذلك في واقع الأمر لا يتفق مع الممارسة العملية على أرض الواقع ولا يتم الفصل المطلق بين السلطات دائماً من الجانب النظري فقط، ولذلك فإن أركان النظام الرئاسي تركز السلطات في يد رئيس الجمهورية وغياب الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولأن رئيس الدولة في النظام الرئاسي المنتخب من قبل الشعب مباشرة يسود ويحكم ولا توجد حكومة كما هو الحال في النظام النيابي وإنما يقوم الرئيس بتعيين معاونين له أو مساعدين، وبذلك لا يقدم برنامج الحكومة إلى السلطة التشريعية لنيل الثقة، كما أن المعاونين أو المساعد لرئيس الدولة ليسوا مسئولين أمام المجلس النيابي وإنما أمام رئيس الدولة فقط، وهنا يظهر الفصل التام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من خلال هذه الإجراءات التي تظهر لأول وهلة بأنه فصل مطلق بين السلطات. إن غياب الرقابة المتبادلة المبني على الفصل المطلق بين السلطات في النظام الرئاسي ترتب عليه الآتي. - عدم الجمع بين عضوية المجلس النيابي والسلطة التنفيذية، حيث لا يجيز النظام الرئاسي لرئيس الدولة يعيين مساعديه من أعضاء السلطة التشريعية. - الرئيس مسئول أمام النصوص الدستورية فقط. - عدم استطاعة رئيس الدولة حل السلطة التشريعية. - ليس للرئيس ومساعديه حق تقديم مشاريع القوانين وإنما السلطة التشريعية هي التي تقوم بذلك بما فيها الموازنة العامة للدولة. إن هذه الصورة المطلقة للنظام الرئاسي تعطي حالة من التنافر المطلق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتجعل كلاً منهما مخالفاً للآخر تماماً، فرئيس الدولة بعيد عن رقابة السلطة التشريعية هو ومعاونوه وله أن يفعل ما يشاء دون الحاجة إلى السلطة التشريعية، كما أن السلطة التشريعية مطلقة الحرية ولا يستطيع رئيس الدولة حلها وتسن التشريعات كما تريد هي دون معرفة السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة ومعاونيه، وهكذا تظهر الصورة عند الحديث النظري عن النظم السياسية قاسية وشديدة التعقيد، ولكن هل هذا يتم على أرض الواقع؟ هذا ما سنتناوله في العدد القادم من خلال الملاحظات العملية على النظام الرئاسي بما يؤكد ضرورة إخضاع الأنظمة للدراسة وأخذ المفيد النافع لخدمة مصالح الدولة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك