خلال ثمانٍ وأربعين ساعة حدثت في شمال العراق الذي يعرف الآن بكردستان العراق تطورات وحشودات عسكرية من قبل حكومة الإقليم والدولة المركزية، كان من أبرزها الطائرات التي هبطت في مطار كركوك وأفرغت حمولاتها من الصواريخ الهجومية التي لم تذكر الأنباء مصدرها. وأظهرت الصور التلفزيونية قوات البشمركة الكردية وهي تقف إلى جوار أرتال الدبابات والمدافع بعيدة المدى وناقلات الجنود المصفحة في حالة تأهب قصوى إما للهجوم مع قوات الحكومة المركزية برئاسة نوري المالكي أو للدفاع عن الإقليم من هجوم محتمل كما قيل نتيجة تشكيل مايسمى فرقة دجلة المكلفة باجتياح الشمال أي كردستان العراق الذي يتكون من عدة محافظات أهمها السليمانية وأربيل وكركوك التي يتقاسم العرب والكرد مساحتها وعدد سكانها ومعالمها الأثرية والحضارية ومدارسها وجامعاتها ومساجدها مثلها مثل السليمانية. وفي ذروة الخلافات والتصريحات المتبادلة كلفت الولاياتالمتحدة أحد كبار ضباطها برتبة فريق يجمع الطرفين تحت إشرافه باعتباره منسقاً بين الأطراف الثلاثة من أجل كف التوتر الناشب منذ سنوات بسبب إبرام حكومة مسعود البرزاني اتفاقيات نفطية مغرية مع شركات بترولية كبرى أمريكية وبريطانية للتنقيب عن النفط في كركوك ومنها التي تعمل في جنوبالعراق منذ عشرات السنين وانسحابها من هناك لما وجدته من تسهيلات تفضيلية. وقد استطاع إقناعها بالتوقف عن الحشود العسكرية والحملات الإعلامية والكف عن التحرشات والتفجيرات المتبادلة، لاسيما أن أكراد تركيا وأكراد سوريا يسعون إلى ماسعى إليه اكراد العراق، وبالفعل فقد انتزع أكراد سوريا بسبب الثورة الربيعية التي اختلط فيها الحابل بالنابل عدة محافظات سورية قريبة إلى تركيا ويسعون لبسط نفوذهم على اقليم الاسكندرون السوري المحتل منذ الاحتلال العثماني لكل من سورياوالعراق، وانتهى فقط في العشرينيات من القرن الماضي في خضم الحرب العالمية الأولى وانهزام الجيوش العثمانية أمام قوات الحلفاء الأوروبية وبمساعدة العرب انفسهم المخدوعين وفي مقدمتهم الشريف حسين من قبل البريطانيين والفرنسيين وهي قصة معروفة لدى المؤرخين. ولاشك أن تركيا تراقب الاحداث في سورياوالعراق ومعها إيران بعيون خائفة من تجميع الأكراد في الدولتين مع أكراد سوريا في دولة جديدة تخسرها الدول الأربع وتربحها أمريكا وإسرائيل والغرب مهما كانت تركيا عضواً في حلف شمال الأطلسي.