تتجه الأمور في العراق نحو مزيد من التصعيد، وفي الوقت الذي يصل فيه الرئيس العراق جلال طالباني إلى بغداد في محاولة لإنهاء الخلافات، إلا أنه قد يشعلها أكثر اذا ما حاول تنفيذ فكرته في استبدال رئيس الوزراء نوري المالكي بشخصية أخرى. فيما يبدأ الرئيس العراقي اليوم في بغداد التي عاد اليها على رأس وفد كردي رفيع اتصالات مع القوى السياسية في محاولة لنزع فتيل الازمة المتصاعدة بين الحكومتين الاتحادية والكردية فأن مصادر مطلعة تتوقع ان يطلب الرئيس في حال فشل مساعيه هذه من التحالف "الشيعي" استبدال رئيس الوزراء نوري المالكي بشخصية اخرى لرئاسة الحكومة فيما دفعت القيادة العراقية بقوات الرد السريع الى كركوك لمواجهة التعزيزات العسكرية الكردية التي تمركزت حول المدينة خلال الساعات الاخيرة. فقد عاد طالباني الى بغداد الليلة الماضية قادما من مدينة السليمانية الشمالية مقر حزبه يرافقه وفد كردي رفيع يضم برهم صالح نائبه في قيادة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وفاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة ريس اقليم كردستان مسعود بارزاني اضافة الى عدد من الوزراء والنواب الاكراد الذين يمثلون مختلف القوى السياسية الكردية. ومن المنتظر ان يباشر طالباني اليوم الثلاثاء اتصالاته بقادة القوى السياسية في محاولة لنزع فتيل الازمة المتفجرة بين بغداد واربيل على ضوء تحشيد قواتهما في المناطق المختلف عليها . وسيسعى طالباني الى استئناف جهوده مع القوى السياسية لعقد المؤتمر الوطني لحل الازمة السياسية والذي كان دعا له في نيسان (ابريل) الماضي. كما سيحاول اقناع المالكي بالتعامل بمرونة مع الازمة ومحاولة التوصل مع الطرف الكردي الى اتفاقات تعيد الهدوء الى المناطق الساخنة . وتقول المصادر ان فشل الرئيس في مساعيه هذه سيدفعه الى الطلب من التحالف الوطني"ألشيعي" بأعتباره الكتلة البرلمانية الاكبر تغيير المالكي بشخصية اخرى رئيسا للوزراء. وفي هذا الصدد قال طالباني انه اذا طلب من البرلمان سحب الثقة عن المالكي دون التحالف الشيعي فهذا قفز على حق هذه الطائفة (الشيعية) وبالتالي فأن الافضل هو عرض المطالب بالاصلاح على التحالف ليطلبها من المالكي وإذا رفض فانه ستتم دعوة التحالف لسحب الثقة عن مرشحه وتقديم بديل عنه. واشار الى ان التحالف الكردستاني كتبب رسالة الى التحالف الشيعي يطلب فيها اما تعديل سلوك الوضع الحالي او التبديل مؤكا ان بارزاني موافق على تحركاته في هذا المجال. ومن جهته قال رئيس القائمة العراقية اياد علاوي انه سيزور اربيل غدا الاربعاء للبحث مع القادة الاكراد تطورات الازمة الحالية في العراق بينما اوضح مصدر مقرب منه ان علاوي سيناقش هناك ايضا عددا من الخيرات لحل الازمة منها حل الرئاسات الثلاث وتشكيل رئاسات جديدة او تشكيل حكومة مؤقتة مستقلة تدير العراق لمدة سنتين مقبلتين. وتأتي هذه التطورات فيما يواصل طرفا الازمة الدفع بحشود عسكرية نحو نقاط التماس على حدود اقليم كردستان والمنطق الاخرى المختلف عليها وخاصة كركوك (255 كم شمال شرق بغداد). ففي الساعات الاخيرة تمركزت قوة كردية قوامها 200 عجلة بينها سيارات حمل وشفلات بأمرة نجل رئيس إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني حول كركوك وقامت بحفر المواضع القتالية فيما تحركت قوات أخرى نحو مدينة خانقين بمحافظة ديالى (160 كم شمال شرق بغداد) . واقرت قيادة قوات البيشمركة الكردية في كركوك بوصول تعزيزات عسكرية ثقيلة من قوات قواتها قادمة من أربيل فيما أفاد شهود من أهالي منطقة التون كوبري الواقعة على حدود اربيل كركوك ان التعزيزات مرت باتجاه كركوك على وقع أغاني قومية حماسية مجدت بكردستانية المناطق المتنازع عليها. وفي مواجهة هذا التحرك فقد امر رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بدفع تشكيلات من قوات التدخل السريع الاتحادية الى المناطق التي توجهت اليها قوات البيشمركة الكردية. وتشكل هذه الحشود العسكرية المتقابلة تصعيدا للموقف وقد يؤدي اي احتكاك فيما بينها الى تفجر قتال مسلح بين الطرفين. وفي مواجهة الدفع بالقوات الكردية هذه فقد حذّر المالكي من مخاطر لا تحمد عقباها بسبب هذا الاجراء وقال في بيان "إننا ندعو المسؤولين هناك (اقليم كردستان العراق) الى الكف عن هذه التصرّفات والانتباه لخطورة هذا المسلك، وما يمكن أن يجلبه من مخاطر لا تحمد عقباها على الجميع". ولفت الى وجود محاولات تهجير بعض العوائل من كركوك وتوجيه الإنذارات إليهم ووجود مضايقات للمواطنين في إقامتهم في تلك المناطق أو أثناء دخولهم أو خروجهم من الإقليم. واعتبر المالكي أن "هذه المؤشرات وغيرها لا تدل على رغبة حقيقية في إيجاد الحلول، بل تكشف عن محاولات للتصعيد لأغراض تعبوية خاصة بمسؤولين معينين بعيداً عن مصالح الشعب الكردي وحقه في الأمن والاستقرار". واضاف إن "تطورالأحداث الجارية في المناطق المختلطة، وطبيعة التصريحات الصادرة من المسؤولين في الإقليم لا تنم عن نيّة حسنة ورغبة حقيقية في حل المشاكل عن طريق الحوار". وأكد المالكي أنه "رغم إصرار الحكومة الاتحادية على وجوب حل المشاكل عن طريق التفاهم والحوار وما قدمته من مبادرات عملية للحل ومنها العودة الى تفاهمات عامي 2009 و2010، وتشكيل السيطرات المشتركة أو تدريب العدد الكافي من أبناء المناطق ذاتها للقيام بهذه المهمة يصرالمسؤولون هناك على انتهاج نبرة التصعيد غير المسؤولة التي تعود بالضرر الكبير على الجميع وفي مقدمتهم الشعب الكردي". ومن جهته شن رئيس حكومة اقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني امس هجوما لاذعا على المالكي وعده "أول رئيس وزراء عراقي يحرض الجيش على حرب قومية" مجددا رفض الكرد لتشكيل عمليات دجلة. وقال "نحن ضد أي تصريح يتحدث عن حرب بين الكرد والعرب وذلك مرفوض بكافة اشكاله وكافة الثورات الكردية نأت بنفسها عن ذلك لكن للأسف تصرفات رئيس الوزراء العراقي الاتحادي أكبر تهديد لوحدة العراق". وجدد موقف الكرد "الرافض" لتشكيل عمليات دجلة، واضفا التشكيل بأنه تشكيل "غير دستوري". اما على صعيد الموقف الاميركي من هذه التطورات فقد قال المتحدث الرسمي في السفارة الأميركية في بغداد فرانك فينفر ان "السفير الأميركي ستيفن بيكروفت قام بزيارة الى السليمانية الأحد والتقى رئيس الجمهورية جلال طالباني وعقد ايضاً اجتماعاً في أربيل حيث ناقش مجموعة من القضايا مع رئيس الأقليم مسعود بارزاني ونيجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان. واضاف ان "هذه الزيارة جزء من مهام السفير المعتادة في العراق" وقال "اننا نستمر بتشجيع الحوار المباشر لتخفيف حدة التوتر وحل أية خلافات بين العراقيين". وكان بيكروفت اكد اثر انتهاء مباحثاته هذه رفض الولاياتالمتحدة أي اجراءات احادية الجانب لتغيير واقع المناطق المختلف عليها في العراق .. وقال إن أي إجراء يجب أن يتم بالتنسيق بين الحكومتين المركزية والكردستانية وليس عن طريق طرف واحد .