رغم أن أياً من أحزاب اللقاء المشترك كبيرها أو صغيرها لم يعلن بعد موقفاً سلبياً إزاء استمرارية اللقاء المشترك، إلا أن التكتل الذي كان ولا يزال محل اعتزاز أطرافه، يمر اليوم بمنعطف حرج قد يفضي به إلى التفكك و العودة إلى مربع الصراع الحزبي الإيديولوجي بعد أن كادت تجربة المشترك أن تصهر الأحزاب المنضوية في إطاره وتقديمها كجسد واحد في مواجهة بقية القوى السياسية اليمنية. و إذ لا يزال من المبكر القول إن المشترك بات قاب قوسين أو أدنى من لحظة الافتراق، فإن الإعلان عن نسب التمثيل في مؤتمر الحوار الوطني، قد كشف عوار بعض من أحزاب المشترك التي حرصت وتحرص على ولوج المؤتمر تحت اليافطة الحزبية، بعد أن كانت إلى وقت قريب تستهجن أي تفكير من داخل أحزابها ينحو بعيداً عن “العزف المشترك”. و لأن المصلحة الحزبية قد غلبت على مصلحة المشترك ككل، فقد قبلت ثلاثة من أحزاب المشترك ( الإصلاح ، الإشتراكي ، الناصري ) تهميش الأربعة الأحزاب الأخرى ( الإتحاد، البعث، الوحدوي، الحق)، و القبول بحصة متدنية لهذه الأحزاب مقابل حصة كبيرة نوعاً للأحزاب الثلاثة التي كانت ممثلة في اللجنة الفنية للحوار الوطني و كانت تزعم أنها تمثل اللقاء المشترك ككل حتى تأكد العكس تماماً. قد يكون في هذا الكلام نوعاً من المبالغة أو التهوين، لكن حتى و إن اعتبرناه تنبيهاً مبكراً، فإن الكثير من الدلائل تؤكد أن ثمة اتجاهاً من داخل اللقاء المشترك لم يعد حريصاً على المشترك بصيغته القائمة، ومنذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني، فإن عملية التقاسم و المحاصصة التي جاءت بها القرارات الحكومية قد شملت ثلاثة أحزاب من اللقاء المشترك على تفاوت فيما بينها، بينما الأحزاب الأربعة الأخرى لم تحظَ بأي قرار تشعر معه أنها جزء من حكومة الوفاق و ليس ديكوراً اقتضته ظروف التوقيع على المبادرة الخليجية وتشكيل الحكومة. المشترك بمختلف أحزابه تصدى للتسوية السياسية، و تحملت جميع أطرافه تبعات التوقيع على المبادرة الخليجية، التي لا تزال كثير من القوى الشبابية و الثورية ترى فيها انقلاباً على الثورة، لكن برغم التضحية التي تساوى الجميع في تحمل تبعاتها، إلا أن المكاسب التي جاءت بفضل المشاركة في الحكومة قد توقفت عند الثلاثة الأحزاب التي قد تعتبر نفسها “ كبيرة” مقابل الأحزاب الأخرى التي يغمز البعض عندما يصفها ب “صغيرة” ، متناسين أنه لا فرق عند التأثير في الرأي العام بين كبير أو صغير، فالموقف وحده يصنع الفرق، وبالأخص في ظل الفترات الانتقالية الصاخبة بالمتغيرات. و أياً كان السبب في إقصاء و تهميش بعض أحزاب المشترك، وسواء تم تجاوز مشكلة التمثيل في الحوار الوطني أم لا، فإن الأحزاب الثلاثة قد أبدت رغبتها في التخفف من حمولة “الرفاق” ، والتضحية بهم في أول مراحل الحوار ، فكيف ببقية المراحل؟ من يتابع الموقع الإليكتروني ليومية “أخبار اليوم ” سيكشف أيضاً أن المشترك لم يكن عقبة في وجه الرئيس السابق و حزبه العتيد بقدر ما يشكل هاجساً لأطراف قبلية وعسكرية عجزت عن القفز على المشترك، فرأت أن تنفذ إلى داخله لتفتن بين أحزابه و التمييز فيما بينها. (على الموقع و منذ أشهر وعلى الصفحة الأولى مادة مثبتة بقلم المحرر السياسي بعنوان: الإصلاح و الإشتراكي و الناصري.. حضور تاريخي عريق)! و هكذا فإن الصيغة المقبولة للمشترك مقتصرة على ثلاثة أحزاب، وهذا ما يفسر قرارات الرئيس هادي و رئيس الحكومة، و قد ينجح هادي فيما فشل فيه صالح، الذي جاءت الثورة الشعبية لتخلعه قبل أن تنجح محاولاته الدءوبة الرامية لتفكيك المشترك. على أن الصيغة الجديدة للمشترك لن تصمد طويلاً، فإذا كانت مقتضيات المرحلة تقبل الآن بالقسمة على ثلاثة، فإنها غداً ستفرض القسمة على اثنين، أما بعد غد فسيكون حزباً واحداً هو المشترك، و ما عداه أحزاب “صغيرة” لا مكان لها بين “ الكبار”! لن يكون الأمر مفاجئاً، فالعقلية العربية واحدة وكذلك التفكير الإخواني، و ما يحدث في قاهرة المعز اليوم، توشك تداعياته أن تصل صنعاء، و لا عزاء للقوى المدنية و الثورية. رابط المقال على الفيس بوك