لم يسبق للأسرة الأممية أن أجمعت على أمر أو موضوع أو قضية على مسرح الأحداث الإقليمية أو الدولية كما أجمعت على التسوية في اليمن .. وهو ما يلقي بمسؤوليات إضافية على اليمنيين في تحمل انجاز مهام هذه التسوية والانتقال السلمي للسلطة دون إبطاء أو تأجيل وبما يساعد على قطع الطريق امام بعض القوى التي تحاول تعطيل سير هذه التسوية المدعومة أممياً وعلى نحو غير مسبوق، حيث يكفي الإشارة هنا إلى التباين والاختلاف في مواقف الدول العظمى وتحديداً داخل مجلس الأمن الدولي حيال الكثير من الأزمات ومنها الأزمة السورية والقضية الفلسطينية أو – حتى – مجمل ثورات الربيع العربي التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة . لقد أسلفت - في ما مضى- بأنه ليس كافياً أن تحيط الأسرة الأممية المجتمع اليمني بمثل هذا التوافق على الرعاية الكريمة للحفاظ على أمن واستقرار و وحدة وتطور اليمن ، وإن كان ذلك حيوياً ومهماً ويعطي دافعاً للجميع بأن يتجهوا نحو المستقبل بكل ثقة واقتدار .. قلت بأن ذلك ليس كافياً ما لم تتوفر الرغبة والإرادة النابعة من قلوب كل القيادات في الاستجابة لهذا المناخ ألأممي الإيجابي ، حيث أهمية أن تتضافر كافة جهود مختلف ألوان الطيف السياسي على الساحة الوطنية للدخول إلى معترك الحوار الوطني بكل مسؤولية ونكران ذات وطرح القضايا مثار التباين أمام طاولة النقاش دون سقوف محددة أو اشتراطات مسبقة، باعتبار أن ذلك هو الحل الناجع لمشكلة اليمن المستعصية ، بل هو المخرج الآمن لمجمل تداعيات الأزمة الناشبة مخالبها منذ فترة في الجسد اليمني .. ولعل أبرزها تلك المتعلقة بصعوبة انسيابية مسيرتة الحياتية والمعيشية. وإذا ما توصل اليمنيون – وهم أقدر على ذلك – إلى المشاركة الفاعلة والمسؤولة في الحوار الوطني فسيكون ذلك بمثابة الخطوة المهمة على طريق المستقبل بكل استحقاقاته ومتطلباته وبخاصة تلك المرتبطة بأهمية صياغة عقد اجتماعي جديد يكفل ترسيخ قيم العدالة والمساواة والحرية والمواطنة المتساوية تحت ظلال سيادة القانون، فضلاً عن أهمية وضرورة تنفيذ المطالب التي تواكب انعقاد مؤتمر الحوار والمتمثلة في المسائل الحقوقية والقضايا الإنسانية وكذلك إصدار وترجمة النقاط العشرين التي سبق للجنة الفنية للحوار أن طرحتها أمام فخامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي .. وفي جانب منها ما يتعلق بمعالجة آثار و مترتبات حرب صيف 1994م ومعالجة الاختلالات التي أضرت بالشراكة الوطنية وبالقضية الجنوبية واستكمال جوانب مضامين المبادرة الخليجية فيما يتصل بتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية وغيرها من الخطوات الإجرائية لتنفيذ مضامين هذه المبادرة حتى انتخابات 2014م التي ستكون – كذلك – بمثابة طي لصفحة الماضي والانتقال بالوطن اليمني إلى آفاق رحبة وجديدة . ولا شك أن أمام اليمنيين – وهم على مشارف الحوار الوطني – خياران لا ثالث لهما ، فإما القبول بالحوار والدخول إلى المستقبل بكل ما يبشر به من خير ونماء، أو الانزلاق إلى هاوية سحيقة من الفوضى الشاملة والاحتراب الدموي والتشظي اللامحدود، حيث لن يربح أحد من المراهنين على هذا الخيار بمن فيهم أولئك الذين يمنون النفس بإقامة كانتونات التشطير !. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فلقد تابعت مؤخراً تصريحات سفراء أمريكا وروسيا والصين والمجموعة الأوربية حول مسار التسوية في اليمن فوجدتها متسقة في مبناها ومعناها لجهة إيجاد حل توافقي لهذه الأزمة، حيث لم أجد من يشذ عن هذا الإجماع الأممي تجاه أزمات مشابهة وهذا أمر يثلج الصدر ويطيب الخاطر ويبعث على التفاؤل و الإطمئنان حول حاضر ومستقبل اليمن.. وهو أمر – بالتأكيد يدعو كل يمني للاعتزاز بهذه الثقة والاجماع الأممي ، ولكن – على نفس الصعيد – عليهم أن يسألوا أنفسهم عما إذا كانوا أهلاً لهذه المسؤولية .. وقبل ذلك أهلاً لهذه الثقة الأممية؟!. رابط المقال على الفيس بوك