ما إن تتنفس أجهزتنا المنزلية الصعداء وتبدأ في الألفة والوئام مع التيار الكهربائي بعد أعطاب متكررة, وتبدو شوارعنا كجميلة تبرجت بكل ألوان الضوء، فغدت أكثر أمناً وعلاقة بالحاضر ومدن العالم، وأصبحنا لا ننتظر الكهرباء، وكأننا في موعد لا وجود له حتى تأتينا - من مدينة ملكتنا بلقيس - أخبار لا تسر، تارة على يد مدراج وتارة على يد كلفوت. مدراج, كلفوت, لأول وهلة قد يظن القارئ أنها اسمان هاربان من طلاسم سحر وشعوذة، لكنهما في الحقيقة تعاويذ شر بات يحملهما اليوم وللأسف من أعيانا شره في الأمس، يحملهما من يملك شراً يتسع ليمن فبراير، بل ويفيض، وقد يكفي دول الربيع كافة. هما مرتزقة مال، أعلنت عنهما وزارة الداخلية ضمن مجموعة تخريب مأجورة تستهدف من لا ذنب لها ولا قوة محطة مأرب الغازية وأنابيب نفط مسكينة لا حيلة لها، أعيتها تفجيراً وتخريباً سوى إيصال نفطنا المسلوب إلى موانئ التصدير. مدراج, كلفوت.... وغيرهما أسامي تدخل بعدها البلاد في ظلام ولساعات طويلة تصل في بعض الأحيان لأيام، وتبدأ الإصلاحات التي تكلف خزينة الدولة ملايين، إن لم تكن مليارات، خاصة وإن أعمال التخريب أصبحت في فترات متقاربة، هذه الملايين كان من الممكن إنفاقها في إنشاء مراكز خدمية وحياتية في مأرب أو محافظات أخرى. والحقيقة إن مشكلة اعتداءات الكهرباء المتواصلة وأنابيب النفط ليست حديثة، إنما زادت حدة وضراوة بعد سقوط نظام صالح، وكثيراً ما نسمع بعد أعمال التخريب هذه عن شروط للمخربين ترضخ لها الدولة أحياناً كإطلاق سجناء أو لتخرج الدولة نفسها من مأزق دبلوماسي وضعها فيه أولئك المخربون والخاطفون، لكن إلى متى سيظل المخربون وكل من تسوّل لهم أنفسهم ممارسة الابتزاز والضغط علينا، كما لو أننا دولة مرهونة لعصابات مافيا؟وإلى متى سنرضخ لهم؟ ولماذا وحتى اليوم لم تبحث الدولة عن البديل بدلاً عن إنفاق تلك الأموال بعبثية إصلاح لا تنتهي إلا لتبدأ والرضوخ للابتزاز؟ اليوم نشهد تحركاً للدولة غير معهود في محاربة هؤلاء المخربين، فهل تنجح الدولة حقاً في بسط نفوذها هناك، وقطع كل الطرق أمام بقايا النظام السابق الذين لايزالون يعملون جاهدين لعرقلة عجلة التغيير وإدخال البلاد في فوضى لطالما هدد بها طويلاً في حال تغيبه عن المشهد السياسي. كلنا يعرف أن الحكومة تواجه منذ تشكيلها تحديات كبيرة في المجال الاقتصادي والأمني بعد التركة الثقيلة التي خلفها النظام البائد.. لكن الاقتصاد لن يستقر ويحقق تحسناً ملحوظاً إلا بتحول كبير في الجانب الأمني؛ نظراً لارتباطه المباشر بالجانب الأمني إذا لا ازدهار اقتصادي يمكن تحقيقه في ظل هذه الفوضى وعبثية إصلاحات ما يفسده مأجورون ومخربون، تكلف خزينة الدولة المنهكة في الأصل مليارات نحن أحق أن نستفيد منها في مجالات أخرى بعيداً عن هذه العبثية التي لازال يدعمها مالنا المنهوب لدى بقايا النظام السابق فيحركون به علينا قوى الشر من أمثال كلفوت ومدراج وغيرهما، أملاً في تقويض مفاصل حلم الدولة الذي راودنا طويلاً، ولأجله قدمنا جل التضحيات ومستعدون لنقدم أكثر. أشفق كثيراً على أطفال ونساء ورجال مأرب الذين سيدفعون بلا ذنب ثمن تلك المواجهات، فهم ضحايا وقوعهم في مرمى خطوط النار، بين الحق والباطل، بين الحرية والعبودية، لكن الوطن وقطع الطريق أمام كل من يحاول العبث بأمنه واستقراره أمر بالغ الأهمية، مهما كان الثمن باهظاً وتعاظمت الخسارة. وليعلم أولئك المرتزقة ومن وراءهم أننا لن نستسلم، وأنه كلما زادت مؤامراتهم وأعمالهم التخريبية والإجرامية كلما زدنا إيماناً بعظمة ثورتنا ونبل أهدافها، وزدنا يقيناً بأنه لابد من رص صفوفنا والالتحام لمواجهة ذاك الشر القادم على يد العائلة المخلوعة، وليعلم كل من يقف وراء مدراج وكلفوت وغيرهما أن حيلهم تلك لن تعد بهم إلى المشهد اليوم إلا كقتلة ومجرمين تنتظرهم محاكمة، ولاحقاً مزبلة التاريخ، وبأننا ماضون في استكمال أهداف ثورتنا وأهمها الهيكلة وإقالة بقايا العائلة.. فاحذروا فلا أحد سينجو من غضب الشعب الموجوع زمناً بكم، كما أننا بفضل ظلامكم المفتعل نرى حلمنا وأعداءنا بوضوح أكثر. رابط المقال على الفيس بوك