بعد أن ضبطت السلطات الأمنية في محافظة الحديدة شحنات متنوعة في أكثر من عملية تحمل الموت لليمنيين وتساعد على ازدهار العنف في وطنهم المثخن بالجراح يبدو أن الصينيين في سياق سعيهم الدؤوب لإحراز أكبر قدر من التكسب الذي اصابهم بعمى الألوان يريدون من حيث يعلمون الإساءة إلى الصورة الجميلة التي يحملها اليمنيون في الأذهان عن هذا البلد العريق المدهش في حضارته قديماً والمذهل في بنيته الاقتصادية العملاقة في عصرنا الراهن. وقد وصل الاعجاب بآبائنا الأوائل درجة الحض على طلب المعرفة من هذا المكان البعيد فورثنا عنهم نصيحة حفظناها كأسمائنا “اطلبوا العلم ولو في الصين”.. غير أن هذه الصورة الناصعة التي ارتسمت في الخيال الشعبي في طريقها إلى الاندثار أو التشويه بعد أن أعلنت شرطة ميناء الحديدة ضبط ثلاث شحنات بحرية في أسبوع فحسب أولاها عبارة عن مناظير قناصة وتاليها تحريف آلاف النسخ من القرآن الكريم وثالثها دروع واقية من الرصاص أي إنها احتوت إجمالاً على أدوات الموت الجسدي والفكري في آن لشعب أسواقه في الأصل مشرعة عن آخرها لمنتجات “ صينية التي لا تعد ولا تحصى حتى بلغت كثرة واردات الصين مستوى تقليد ومنافسة الحرف اليمنية الأكثر خصوصية مثل صناعة الجنابي ومقالي السلتة الشعبية المصنوعة من الفخار الصعدي. فهل بعد هذا الانفتاح انفتاح وهل بعد هذا الانبطاح انبطاح؟! على بيجين أن تدرك أن مصالحها في اليمن كبيرة جداً وأن الشعب اليمني ذا الكثافة السكانية في الجزيرة العربية والخليج من أكثر الشعوب استهلاكاً للمنتوجات الصينية تلك الصناعات التي لا تخضع للقيود ولا تحدها الحدود. فلماذا تسمح عاصمة “ماوتسي تونج” للعابثين منح هذه المميزات التي قد لا تجدها في البلدان الأخرى. وما يحز في النفس أن الاستهتار بالميزان التجاري بين البلدين الذي يميل 180درجة لصالح الجنس الأصفر طبعاً حد التلاعب والتحريف بآلاف من نسخ القرآن الكريم كما قيل والتي أحيلت بتوجيهات عليا إلى دار الإفتاء لإبداء الرأي الشرعي بشأنها وتسجيل مواطن التحريف وأسلوبه وأبعاده. ويعد هذا الانتهاك الفكري الذي نفذ إلى صميم العقيدة الدينية وركنها الركين وهو القرآن الكريم سابقة خطيرة يصعب السكوت عليها وبما أن الشعب اليمني يمتاز عن سواه بحساسية مفرطة تجاه ما يمس الدين وأصوله من عبث أرجح أن سكوت السلطات الصينية عن شحنات العنف الثلاث عموماً وتزييف الوعي الديني حصراً قد يجر العلاقات بين الشعبين إلى توترات لا شك أن الخاسر فيها هو الشعب الصيني بامتياز أما نحن الغارقون حتى الحلقوم في الاعتماد على الواردات الخارجية من صغار الأشياء قبل كبارها باستثناء البطاطس والزعقة فإننا على استعداد لنقل الامتيازات التجارية الممنوحة للصين إلى تايوان التي لا تقل نبوغاً عن الوطن الأم بغض النظر عن انها ضرة خبيثة للحكام الذين تستفزهم مشاعر النقمة تجاه أي بلد ينوي إقامة علاقات تجارية أو سياسية أو ثقافية مع هذه الجزيرة الصغيرة كونها في الفكر التاريخي جزءاً من أراضي سور الصين العظيم وهي في الوقت الحاضر ابن عاق تنكر لبنوته ويرى زعماء الحزب الشيوعي هناك أن لهم الحق في إرجاع هذه الجزيرة المتمردة ولو بالقوة إلى حظيرة التنين الكبير الذي يدب تحت أقدامه الأسطورية أكثر من مليار و400مليون نسمة.. وبالتغاضي عن هذا كله وعلى الرغم من أن كل شيء بثمنه وليس إحساناً وصدقة فإننا ندين بالعرفان والجميل للعقل الصيني الذي أمدنا ببضائع ومصنوعات لها قصب السبق في مساعدتنا على منازلة المحن التي واجهتنا خلال تاريخنا المعاصر الموبوء بالمشاكل المتعاقبة فعلى سبيل المثال أزمة الكهرباء حيث شكل الفانوس السحري بالنسبة لنا فارس إنقاذ وخلاص من هيمنة واستبداد “الشمع” وعملائه وأمدنا كذلك بالمواطير الكهربائية الرخيصة وإن كانت مزعجة وسرعان ما تتعطل لكنها خير من الظلام الدامس.. وغيرها كثير مما لا يسع المجال لذكرها. وأخيراً وليس آخراً يكفي أحفاد جنكيز خان أن الانبهار بنزاهة وجودة المشاريع الصينية المنجزة على قلتها في اليمن وبالأخص في جانب تعبيد وسفلتة بعض الطرق ما تزال أنشودة سائرة على شفاه كل يمني فلماذا يا قادة الاقتصاد العالمي تهزأون ببلد يكن لكم شعبه كل هذا الاحترام والتقدير. بصرف النظر عن نظرية “ كله بحسابه”. رابط المقال على الفيس بوك