شتان بين ثقافة وثقافة، ثقافة همها نهضة المجتمع وتطويره وتغييره إلى الأحسن، وثقافة همها القضاء على المجتمع وإحباطه وإيقاعه في شباك الفساد والرذيلة.. فأي الثقافتين أحسن وأفضل؟ إن الثقافة الفضلى هي الثقافة التي تبني ولا تهدم، تتطلع إلى الجديد والتجديد ولا تبقى في الدوائر المغلقة التي تحصر المجتمع في سجونها، هذه الثقافة هي التي جعلت الرسول صلى الله عليه وسلم يصف فيها مجتمعنا اليمني بمجتمع الإيمان والحكمة ناهيكم عن وصفه لأبنائه بالألين قلوباً والأرق أفئدة. أما الثقافة الثانية فهي المقصودة هنا في هذا المقام التي برزت بقوة في الآونة الأخيرة وبصورة أكثر قتامة وسوداوية ما أنزل الله بها من سلطان، وسار بعض أبناء الشعب اليمني خلفها يتتبعون خطاها حذو القذة بالقذة بدون هدى.. إنها ثقافة الشيطنة الأنانية المستكبرة المسولة للرذائل بأنها فضائل والمنافقة المتلونة كالحرباوات، لا تذعن للحق وأصحابه ولا يهمها ماذا سيحصل في الواقع، متتبعة لخطوات الشيطان. هذه الثقافة تقتدي بالشيطان الرجيم في كل أقوالها وأفعالها من حيث ارتداد أبنائها عن الهدى كما وصف ذلك القرآن الكريم بقوله تعالى:{ إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى، الشيطان سوّل لهم وأملى لهم، ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم} “محمد 25 26، ومن حيث عدم علم أبنائها بأن الشيطان يضلهم ضلالاً بعيداً كما جاء في سورة النساء 60 “ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً”. وبالتالي تقود هذه الثقافة إلى عدم الوعي وبالأخرى إلى اللاوعي الذي يعمل على احتقار الناس والأعمال والتحريش بين الناس، كما ورد في مستدرك الحاكم عندما قال صلى الله عليه وسلم:” إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فاحذروا.. وفي رواية “رضي في التحريش بينهم”. كما تقود هذه الثقافة إلى عدم الامتثال للأمر وانتفاخ الأنامع الاستكبار، كما قص القرآن الكريم عن إبليس عندما أمره الله تعالى بالسجود لآدم قال في موضع من القرآن “أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين” وكان الرد الصريح أيضاً في سورة البقرة : “إلا ابليس أبى واستكبر وكان من الكافرين” فلعنه الله تعالى ولم تقف هذه الثقافة عند حدها ل كونت أعواناً ومناصرين لإبعاد الناس عن جادة الحق والصواب قال ابليس كما حكى القرآن ذلك “فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين”. وكانت النتيجة كما أراد ابليس عليه اللعنة أغوى كثيراً من بني آدم، وما نلاحظه هذه الأيام في واقعنا ماهو إلى نتيجة لتلك الثقافة واتباع هذا الشيطان الرجيم، ولا نذهب بعيداً، دعونا نتأمل في واقعنا جيداً، ألم يستهزأ بالإسلاميين والصالحين والملتزمين ومؤديي الصلاة؟ ألم نلاحظ ونسمع أوصافاً لا تليق بمسلم أن يقولها عن أناس صالحين؟ ألم نلاحظ همزاً ولمزاً واحتقاراً لمن طبق سنناً وردت في القرآن الكريم أو السنة النبوية؟ ألم نشجع الفاسدين على فسادهم ولم نتجرأ عن الوقوف ضدهم بكلمة الحق؟ ألم نلاحظ تخريباً وإيذاءً للمجتمع في معاشهم ونومهم، من حيث الاعتداء على أبراج الكهرباء ومضايقتهم في طرقاتهم وأكلهم وشربهم ولباسهم؟ إن كل تلك الأعمال وغيرها ماهي إلا نتيجة لثقافة الشيطنة والتي تهلك الحرث والنسل وتقضي على أي مشروع جميل وناجح.. ومادامت هذه الثقافة الشيطانية متجذرة في مجتمعنا اليمني، يجب أن تستأصل من جذورها، لأنها تقود في النهاية إلى الهاوية ومستنقعات المجهول إذا لم نتدارك أنفسنا ونقضي عليها ونغير ما بأنفسنا قبل تغيير الآخرين. فأيهما أصوب اتباع طريق الهدى والخير والصلاح أم اتباع خطوات الشيطان وشيطنة أعمالنا على غير هدى؟ وعليه يجب أن نستشعر أن الشيطان لنا عدو فلنتخذه عدواً ولا نتبع خطواته امتثالاً لقوله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً}، وقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}. رابط المقال على الفيس بوك