عندما يقال أن ما حدث في اليمن ليس ثورة يجن جنون البعض ودونما تردد تدخل خانة بقايا النظام والفلول ، بل تصبح رمزاً من رموز الفساد !!! لن أناقش موضوع الثورة من عدمها، كون الخوض في هذه المسألة يعتبر من وجهة نظري مستهلكاً وعقيماً ، الذي يهم الآن هو الحال الذي وصلنا إليه نتيجة تفاقم الفجوة بين الأطراف السياسية والمزايدات التي أصبحت عنواناً عريضاً ومستفزاً أيضاً . و ناقوس الحرب الطائفية الذي يقوى صوته يوماً بعد يوم ، ثقافة جديدة تتصدر الحوارات هي ثقافة الكراهية والانقسام والفرقة ، أي ربيع هذا الذي ارتدى بدلاً عن حلته الخضراء حلة حمراء ارتوت من دماء أبناء هذه الدول.. أي ربيع هذا وأوطاننا أصبحت تحت الوصاية الدولية !! ، أصبح أبناء الشعب الواحد أعداء والمجير لهم عدو الأمس واليوم والغد !!!! طال هذا الربيع الذي ارتوى بالدماء ولم تنفرج أساريره بعد ،لن يكون هناك أمن واستقرار طالما والطمع وإثار المصلحة الخاصة يحتل الصدارة ، فالأمنيات التي زرعها الشباب الطامح عصرتها رحى الحاضر الذي كشر عن أنيابه السامة ومُزقت بقايا تلك الأمنيات البسيطة بساطة هذه الشعوب . إن حلم الكرامة والعيش بآدمية تناثر كدخان السجائر العابر وسط السراب بكل برود وشرود ، والكل تلهث أنفاسه مسارعاً لينحت بالزيف وارتداء الأقنعة له مكاناً في بلاط المُلك الذي أصبح غاية رجال دول الربيع العربي ليبقى البسطاء وعامة الشعب يعُضون الأنامل على الشهداء الذين نشدوا الحرية ودفنت أحلامهم معهم ليعودوا من جديد على قارعة الاهتمام وخانة التهميش -المصير المحتوم للشعوب المطحونة دوماً وأبداً - أعتقد أن بلدان الربيع هذا تحتاج إلى تصحيح المسار واجتثاث المتمصلحين الذين اقتحموا الساحات كالبعوض القاتل الذي يصيب بحمى الضنك . وهاهم تصدروا الموقف ليصبحوا أبطالاً على جثث أبناء الشعب ، فليرحل الربيع العربي هذا بكل الدماء، فقد طال وطال حتى اختنق الشعب برذاذ القهر والخوف والإرهاب الذي لا يبقي ولا يذر، وإذا كانت الأنظمة السابقة بفسادها وظلمها واستبدادها استطاعت أن توحد شعوبها ولو بحد أدنى، فيما الأنظمة الحالية عمقت الانقسام وزادت من الأحقاد والكره بين أبناء الوطن الواحد - نصف البلاء خير من البلاء كله - لسنا مستسلمين ولسنا عديمي الطموح، لكن نريد أن نعيش مرحلتنا العمرية كما تعيش بقية الشعوب الأخرى، لا نريد أن يمضي نصف عمرنا الآخر بأحلام اليقظة التي أصلاً تسكننا منذ القدم.. أليس من حقنا عندما نخرج من رحلتنا الدنيوية هذه أن نشعر بأننا كنا على قيد الحياة ؟ حتى نفرق بين حياة البرزخ المحتوم والبرزخ الأخدودي الذي يُصر أصحاب المصالح أن ندفن فيه ، بكل أوجاع البسطاء والفقراء وجياع هذا الشعب الذين يحتلون الرقم صفر على اليسار، الشعب الكادح الآيل إلى السقوط ، نريد أن نعرف ماذا صنع الربيع العربي لأطفال الشوارع والأيتام غير انتشار المتاجرة بالأعضاء والاختطاف ؟ ماذا صنع الربيع غير تبديل الأقنعة الموجودة، فعلاً لم يتغير النظام بل تغيرت الوجوه ، لهذا كله قسماً لو كان الربيع العربي رجلاً لقتلته. * مدرس مساعد بكلية الحقوق – جامعة تعز رابط المقال على الفيس بوك