الإهداء: إلى أعضاء مؤتمر الحوار الوطني .. خصوصاً تقول شهرزاد*: “احترموا أوطانكم لا تبصقوا على جدرانها بحجة أن خلف الجدران من لا يتفق معكم فكراً أو رأياً أو ديناً أو قضية”.
كانت يوماً ما ميناءً تجارياً هاماً ومركزاً سياحياً متفرداً, وأضحت مجرد مديرية تؤوي اللصوص والمهربين, يأكل أبناؤها البؤس وتقتات هي الذكريات, تلك هي المخا .. عدت منها الأسبوع الماضي والحزن يغمر نفسي, قلت لرفيقي في السفر نبيل العديني: ماذا لو كان لدينا ساسة يقرؤون التاريخ الوطني ويقدسون الهوية الوطنية, لكانت لنا دولة خطوطها الحمراء ليس (الزعيم والسيد والشيخ) بل هذه الموانئ والبحار. مرّ هؤلاء الساسة - الذين حكمونا وما يزالون- من على الكتب المدرسية بأقدامهم وليس بعقولهم, وإلا لكانوا أدركوا معنى أن اليمن تطل على المحيط الهندي والبحر العربي وتشرف على مضيق باب المندب ولديها موانئ دولية مثل المخا وعدن, ولو كانوا ساسة حقاً لفهموا كيف أن تلك الموانئ والبحار تشكل العمق الاستراتيجي لليمن, ما هو العمق الاستراتيجي؟ هل يمكن لساسة أتوا من الغرف الحزبية المغلقة ومقايل القات وو...إلخ أن يفهموا معنى العمق الاستراتيجي ؟! السؤال الأهم : لماذا اليمن ليست إحدى الدول المؤثرة في عالم اليوم؟ مع أنها تحتل نفس مكانة تركيا (الجيوسياسية).. لقد خاطب وزير الخارجية التركي أوغلو مرة بعض شباب اليمن : “إذا كانت تركيا تربط آسيا بأوروبا، فإن اليمن تربط آسيا بأفريقيا” ثم أردف: اليمن منصة الكرة الأرضية كما قال محمد المقبلي، أتدرون من المقبلي .. إنه أحد شباب اليمن الذين فجروا ثورتها السلمية, ينحدر من إب ويزور حالياً تعز لأغراض سلمية وليست طائفية, قبل يومين كنا ننبش الذاكرة الوطنية المثقوبة بالإهمال والنسيان وتساءل المقبلي: ماذا لو كانت الأقدار لم تهبنا عظيماً اسمه الفضول؟ تألمت كثيراً عندما أدركت أن الأغنية الفضولية وحدها من استطاعت الحفاظ على الحد الأدنى لذاكرة الهوية الوطنية وحفزت فينا شعور الانتماء الوطني. ما هي مشكلة النخب اليمنية وبعضها الآن في مؤتمر الحوار الوطني؟ الفقر في الوطنية, ثقافة وطنية ضحلة في مقابل ثقافة أيديولوجية متضخمة, ببساطة نحن لا نحترم اليمن, ورغم أن شباب اليمن خرجوا في ثورة عارمة العام الماضي من أجل اليمن وقدموا دماءهم من أجلها, إلا أن الكثير من الساسة والمثقفين لا زالت اليمن في نطاق جيوبهم لا عقولهم, وعندما يتصل بهم الوطن تكون الإجابة: مغلق أو خارج نطاق التغطية الوطنية.
للمؤتمريين: من أجل اليمن انسوا حكاية الزعيم, وكونوا مع اليمن. للإصلاحيين: كونوا مثل رمزكم (الشمس), تشرق على الجميع من يبتسم لها ومن يلعنها, ودعوا أشعتها تطهر جراثيم التشدد في بعض منابركم وليس فقط في كيان خصومكم. للحوثيين: لمرة واحدة كونوا مع الحياة, لقد سئمنا الموت, وإن يكن لا بد منه فليكن شعاركم: الموت للجهل الموت للفقر والنصر للهوية الوطنية. للخطباء : قام اليمنيون بالثورة من أجل الكرامة الوطنية المهدرة , وأعتقد أن المهمة الوطنية التي يجب أن تساهموا فيها هي إنقاذ اليمن من جهنم الفقر والتفرق لا من جهنم الآخرة. للاشتراكيين: اليمن بحاجة أن يكون الاشتراكي متعافياً .. لا تخذلوا حكمة ياسين.. كونوا اشتراكيين وكفى.
للجميع: تقول شهرزاد: “امنحوا قلوبنا هدنة لاستيعاب متغيرات الزمن فإن الارض امتلأت بهشيمكم وأعيننا امتلأت برماد مشاهد لا تمت لقيمنا بشيء” * شهرزاد هي كاتبة عمود (شواطئ)في مجلة (زهرة الخليج). [email protected] رابط المقال على الفيس بوك