لا ، أنكر أن صحيفة الجمهورية من الصحف التي لها معزة خاصة ، فلقد احتضنت كتابتي منذ بداياتي الأولى في 1996، وعرفني الناس من خلالها ، ولا أنكر تشجيع الأستاذ القدير سمير اليوسفي منذ بدايتي حتى اليوم ، فضلاً عن ميزتها انها مفتوحة على كل الأطياف .. لكن هذا لا يمنع أن أقول لها “ وووووب “ ياجمهورية انت وشقيقاتك تعبنا ، وأنتن تتحفننا كل مرة بكوكبة من المفكرين المتفردين ، الذين لا ينتجون إلا في اليمن . حتى اللحظة ، لا ندري ، لفظ “مفكر” من أين أتى ؟ ماهيته ، ما وظيفته ، هل يظهر مع هلال رمضان والعيدين ، أم أنه متربع في كل الأوقات ، كائن حي ،أم جماد ، كائن بري / جوي ، أم برمائي ، إنسي أم جني ؟ ولا ندري عن “ مفكرينا ” ، بماذا يفكرون ؟ وهل الفكر حالة شعورية ، مرض ، كالوجع بالمفاصل ، أم دكاك بعد القات ؟ وهل هي حالة تنتاب الإنسان اليمني في الصباح على الريق أم في المساء بعد نجع «القات” ؟ هل تأتيه رضة الفكر ، وهو جالس على “مدكى” ، أم على كرسي ، أم واقفاً ، أم موسحاً ،أم مبلطحاً ؟ - والله “أختبصت” علينا يا جمهورية. ** نعم ، الحقيقة في بطن الصحافة ، وعليها أن تحل لنا لغز “مفكر ” ، كيف جاء ، ومن أي جهة تسلل ؟ والى متى سيظل جاثماً علينا ؟ هل هو حالة مؤقتة ، أم سيكتسب صفة الديمومة ؟ وكوننا جمهوراً بليداً - وأنا أولهم- وكوني ناقصة عقل ودين ، فمن حقي معرفة سر وسحر هذا اللفظ “المفكرررررر«الذي “ يزرب ” الجسم ، ناهيكم عن الرجفة ، والتأتأة ، والكحتتة» التي تصيبني عقب قراءة مقابلة للمفكر الصنديد . ** ماهو سر صحافتنا الرسمية والأهلية وهي كل يوم تنحت لنا مفكرين ؟ لماذا تجعثنا هذه الصحف التي - نحبها _ ؟ وماهو الثأر الذي بيننا وبين أولئك الصحفيين الذين يتسابقون لتوزيع هذه الألقاب المجانية ؟ وبأي حق يسفخوننا كل يوم والثاني بهذه الباقة المتحفية ( مفكر) ؟ فهل هي “مهرة ” جديدة؟ وهل هذا الصحفي / والصحفية ، هما هيئة أكاديمية عليا تمنح هذا اللقب ؟ وعلى أي أسس ومعايير تم تفصيل هذا – الحجاب/الحرز - عفواً هذا اللقب “مفكر”؟ للأسف ،صحيفة الجمهورية وغيرها من الصحف ، يصبحن كمن يفرق لحم “السابع”!! . ** ألم تعلم هذه الصحف بفعلتها “مفكر” أنها تهضم حقنا نحن النساء ، فهي تتعمد إقحامنا في مشكل وجودي ، مع إخوتنا الذكور ، تتعمد إذكاء الصراع بين الذكورة والأنوثة ، فحقنا “الجندر” الذي تشتغل عليه نساء اليمن “راح فطيس” أمام سطوة لقب مفكر ؟ إذ كيف نستطيع أن نؤنث “مفكرة” ، إذا مامنحتنا هذه الصحف شرف هذا اللقب ، ساعتئذٍ لن يختلف لقب «المفكرة» عن نوتة أرقام التلفونات والمواعيد !! نصل إلى أن “المفكر” صنيعة ذكورية فقط ، ولا تطلق إلا على أقحاح اليمن . ** مسكينات النساء ، لم ينصفهن الإسلام ، فما زال : للذكر مثل حظ الأنثيين ، والرجل يتزوج 4 ويمتلك مزرعة ما ملكت أيمانهم ، يحق له أن يتزوج صغيرات بعمر حفيداته وبالشرع والقانون ، ويحصل على القاب : ثائر مناضل ، حامي الجمهورية سابقاً ، وحامي ثورة “الصدور العارية” لا حقاً ، محلل سياسي ، محلل ثوري ، محلل زواجي ، وو..الخ ، لكن هل قد رأيتم لقب “محللة سياسية”على التلفزيون ؟ نحن النساء ، بلا، لقب مفكرة ، ولا محللة ، ولا جن يخطفونا . ** لقد اشتغل الإعلام خصوصاً قناة الجزيرة ومعها القنوات الثورية في صناعة وتوزيع الألقاب خصوصاً المحلل السياسي/اقتصادي /ثوري ، محلل مضاد للعائلة ، محلل مناصر لحماة الثورة ، مدرب دولي ،خبير نهضوي ، فهذه العملية الأولى للقنوات الفضائية ، وتأتي بعدها صحف اليمن وتجعله مفكراً ، وهذه العملية الثانية ، أي عملية إرسال واستقبال . وفي هذا الشأن ، اتفقت صحف وإعلام النظام السابق ، مع صحف الوفاق بإتحافنا بكوكبة من مفكري الستين والسبعين .. ** في هذه الحالة “السيزيفية” التي نعيشها ، ما ننتجه سوى “ مفكسين” وليس مفكرين ، فالمفكس لقب يليق بحالتنا “المرجوجة” .وفي ظل وضع تعليمي أهم شروطه إلغاء العقل والتفكير ، هل اليمن قادرة على أن تنجب مفكرين بالمعنى الحقيقي للكلمة ؟. ** أشعر بالحزن والخزي ، فكيف سنواجه المفكرين الذين أفنوا حياتهم ، وهم بين الكتب والتنظير ، ورفدوا المكتبات بأمهات المراجع وآلاف الكتب التي شكلت فارقة فكرية ، ماذا سنقول ،للمفكرين من سقراط ، وكلود ليفي شتراوس ، وفوكو ، وابن خلدون ، وكارل بوبر ، والعروي ، وأبو بكر السقاف ، وو...، ونحن نراهم مذهولين ، مفجوعين من الباقة الفكرية . سيقولون «الله المستعان» عليكم ياأهل اليمن ، من صِدقَكم مفكرين ، ونحن قضينا أعمارنا في محاربة التخريف ، وإعلاء العقل والتفكير العقلي، أوقفنا محاكم التفتيش ، منعنا تدخل الكنيسة والقساوسة في علوم الفلسفة ، فصلنا الدين عن الدولة ، وقتل منا من قتل ، ووو، ولم نحصل على لقب “ مفكر” إلا ونحن على عتبات القبر ، بل وأحياناً نرحل بدونه ، وأنتم تحصلون عليه “بارد مبرد” ، بالله عليكم ، كيف تنامون وأنتم تناصرون الخرافة والتخريف ، وتصحون الصباح ، وأنتم «مفكرين» ؟!!!! ** مساكين مفكرونا السابقون ،لا ،كان معهم جزيرة ، ولا سهيل ، ولا قناة اليمن ، ولا حتى اليمن اليوم ، ولا جمهورية ، ولا صحيفة ثورة وو ، ما معهم إلا التأمل والكتاب ومعمل التجربة. ** أخيراً: في عالم الخرافة ، وسوقها الرائج في اليمن ، بدءاً من المدرسة ، والمسجد والجامعة ، والقنوات الإعلامية ، مروراً بمحارق القات والهذيان الجماعي في المقايل ، إلى عالم الانفلات الأمني ، يمن بلا كهرباء ، وبلا فن ، بلا معمل تجارب ، بلا مسرح ، بلا حياة إنسانية كريمة ، يمن بعكفة وولاية الفقيه ، يمن جامعاته ومدارسه محتلة وفي قبضة العسكر ، عالم مازال إلى قبل أمس ثواره من طلبة الجامعة يغلقون الجامعات والمدارس بالبندق ويتمترسون بهتاف محموم : (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس ) هذا العالم الشاحب ، الضاج والممتلئ بالخرافة حتى النخاع ، لن ينتج إلا مفكرين (صنع خصيصاً لليمن) . ** فاحكموا سوقكم أيها الإعلاميون ، وأيتها الصحافة ، وأيتها القنوات الفضائية بلا فضاء . (مع اعتذاري الشديد لصحيفة الجمهورية ) والا كيف تشوفوووووا؟ رابط المقال على الفيس بوك