مازالت الأوضاع مشتعلة، ولم تهدأ في بلدان الربيع العربي, ومن ضمنها بلدنا, ولعل السبب الرئيسي في استمرار غليانها وصراعاتها أولئك الذين تصلبت عقولهم عند تلابيب الماضي وتمسكهم بجلبابه المهترئ، وعدم اقتناعهم باستشراف المستقبل، وعجزهم الكلي عن تغيير واقعهم الرث, أولئك الذين مازالت أيديهم واصلة ونفوذهم لم يهمد بعد, أولئك الذين مازالوا يلعبون خلف الستائر ومن تحت الطاولات ومن خلف الصالات المغلقة, أولئك الذين ظاهرهم يخفي ما تكنه أعماقهم, أولئك الذين تأبى نفوسهم أن ترى السكينة تعم بلدانهم ويحز في نفوسهم أن تصل إلى حلول لأزماتها الراهنة، ويصرون بصلف أن تظل في صراعات وحمم بركانية وغضب مستعر، وبالتالي يسعون جاهدين لتأجيج الشارع، وصب الزيت على النار، وزيادة الاضطرابات والجرائم من عنف واغتيالات وتدمير لمقدرات البلد, ينشرون سمومهم في كل مكان غير آبهين لا ببلد ولا بهدوء ولا سلم ولا نماء لوطنهم,لا بحاضره ولا بمستقبله. فهل يؤرق مضجعهم أن تهدأ أوضاعنا المضطربة؟ وهل يخيفهم خروجنا من ويلات التشظي والفتن؟ هل يجدون راحتهم في الفوضى والتحريض ويعتاشون من شرب دماء اليمنيين وانهمارها كل لحظة؟ لماذا يا ترى؟ فعلاً ينتابنا الأسى الشديد ويعترينا الألم الدامي ونحن نرى بأن هناك من يتحولون لأعداء لدودين لبلدهم وأهلهم وناسهم لمجرد أن يثبتوا أن غيرهم ليسوا بأفضل منهم. فلا عزيز لهم ولا غالي, لا وطن ولا أهل ولا ولد, وليس لديهم سوى أسيادهم وأصنامهم الذين ألفوا عبادتها وجعلها فوق أي اعتبارات أخرى، ولذلك يقلبون المعبد فوق رؤوس الجميع، ويعقدون ويصعبون إمكانيات التوصل لحلول منطقية تحاكي العقل وتبتعد عن منطق الزناد ودساتير الغاب ومعتوهي الحروب. لكن بالرغم من كل المآسي التي تحاصرنا إلا أن أفضل ميزة علمتنا إياها هذه المآسي أنها كشفت لنا وللعالم أجمع وبما لا يدع مجالاً للشك من يقف كحجر عثرة أمام أية خطوة للسلام والطمأنينة. أياً كان هؤلاء المعتوهون سواء أفراداً أو منظمات حزبية أو تكتلات مذهبية, داعمين كانوا أو مدعومين, سياسيين أو مشائخ مخضرمين, معممين كانوا أو مسربلين, ولكل من لا يريد خيراً للوطن نريد فقط أن نعرف منهم ما هو السبب الحقيقي الذي جعل بلدهم تهون عليهم لهذا الحد ولماذا رخصت عليهم لهذه الدرجة؟ هل هم هانئي الفكر والبال وقد حولوها لحلبة مصارعة شرسة تحيط بها الدماء والجماجم وكثبان الخرائب من كل اتجاه؟ لمصلحة من يحطمون هذا البلد الغالي؟ وهل يستحق أي أحد مهما كان أن يضحوا باليمن من أجله؟ لماذا يتناسون اعتبارات أخرى عظيمة كالانتماء لرائحة الأرض اليمنية وينتصروا للدفاع عن فرد أو عصبية أو مذهب أو طائفة؟.. لماذا لا يعنيهم أن البلد صارت منهكة ومحطمة أمام عيونهم ولا يعنيهم سوى التحريض والعد التنازلي للحظة الحرب المدمرة؟ أخبرونا أي يمانيين أنتم؟ وكيف هي نفوسكم هذه؟ وهل أرضعتكم هذه الأرض الطيبة العزة والكرامة والإباء؟ نشك؛ لأنكم إن كنتم كذلك لما ارتضيتم لها الهوان والذل والويلات والتأجيج والنار كما تفعلون.راجعوا حساباتكم قليلاً قبل فوات الأوان وانتصروا للحبيبة اليمن يرحمنا ويرحمكم الله. رابط المقال على الفيس بوك