الارتباك الذي نشهده- كمراقبين عن بُعد- للمشهد السياسي في بلادنا سواء من خلال وسائل الإعلام الحزبية المكتوبة أو المرئية أو من خلال أحاديث معظم العوام من الناس وهم في الأصل أو معظمهم منتمون حزبياً يوحي بقليل من الأمل في نجاح مؤتمر الحوار الوطني المنتظر وبكثير من الخوف إن تعثر انعقاد هذا المؤتمر- والعياذ بالله...وأهم المؤشرات التي تدلل على الحالة المرتبكة تجاه شيءٍ اسمه الحوار الوطني أن الكثير من عامة مجتمعنا اليمني بمختلف انتماءاتهم الحزبية يجهلون حيثيات عدة لهذا الحوار ناهيك عن أن الكثير من الجموع القاعدية لتلك الأحزاب لم يتضح أمامها ولو بنسبة معقولة من الرؤية الواضحة لمستقبل الحوار على أسس معرفية وتوعوية...الخ أما المؤشر الأهم الذي يثير فينا – كشعب ينتظر نجاح الحوار على أحر من الجمر- الخوف من استمرار المعاناة هو التصعيد الإعلامي لدى أطراف المبادرة الخليجية على مرأى ومسمع من جميع رعاة هذه المبادرة الإقليميين والدوليين في الوقت الذي نلمس من جهة أخرى إجماع تلك الأطراف على المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني القادم وخوضهم معارك(فيدية) من خلف كواليس اللجنة الفنية للحوار للحصول على نسب تحفظ ماء الوجه في تمثيليتهم على طاولة الحوار...وإذن !! ومن خلال هذا المشهد المرتبك في تفاصيله وعمومياته والذي أربكنا معه نحن مجتمع السواد الأعظم من أبناء الشعب ألا يجعلنا نؤكد بما لا يقبل الجدل على ضرورة إيقاف مكابح قطار الأزمة لحظات للوقوف وبمسئولية مع أنفسنا كأحزاب وقيادات وأطراف عامة مدنية رسمية تشكل في مجملها المكون الرئيسي لمؤتمر الحوار الوطني القادم؟ بمعنى آخر: أليس من الواجب الوطني الصادق أن تقام قبيل الموعد المحدد للمؤتمر فعاليات توعوية- حوارية على مستوى الحزب وعلى مستوى العامة يكون الهدف منها التحضير العام للدخول إلى المؤتمر على مستوى الممثلين وقد توافرت لدى الجميع القناعات الحاسمة بحتمية إنجاح المؤتمر والخروج بالموطن والمواطنين من هذه المعاناة الكارثية إن امتدت تجثم على صدر حاضرنا وآمال وطموحات مستقبلبنا المنشود؟ إن شعبنا اليوم في كل ربوع الوطن وبمختلف تعدداته وطبقاته وقناعاته في أد الحاجة إلى بناء جاد وفاعل وشفاف لجسور التواصل والاتصال مع قياداته الحزبية والرسمية وحتى الشعبية من أدنى مستوى حتى أعلاها عبر فعاليات فكرية معرفية تجمع في أنشطتها بين الواجب الوطني والتوعوي تجاه مجتمعاتها وصولاً بها إلى حالة من الوعي لا أقول الكامل ولكن المرتجى لفهم وإدراك أدبيات الحوار القادم المنبثقة أصلاً وفق هذه الأنشطة من الجموع القاعدية حتى أعلى الهرم ..ما الذي يضير الحكومة مثلاً أن تنزل إلى عامة الشعب عبر قنواتها الرسمية الإعلامية والثقافية والسلطات المحلية والنيابية...الخ ، بمشروع تثقيفي توعوي هدفه إبراز هذا الحوار المرتقب في صورة تفاصيل قضاياه المطروحة حتى يتكون لدى المتلقي قناعة وطنية قد تشكل داعماً مهماً ضد كل من يتقاعس عن المشاركة في هذا العمل الوطني الهام...ثم وهذا الأهم كيف سيدخل الفرقاء إلى طاولة الحوار وهم من خلال ما نقرأ ونسمع عبر إعلامهم مدى المكايدات والمماحكات والتنافر الذي لا يثمر إلا تنافراً جديداً..؟ إننا كأمة يمنية تعيش معاناة كبرى في عيشها وأمنها وفي وظيفتها وحقوقها وتعليمها وصحتها و..و..الخ نعلق على هذا المؤتمر الوطني للحوار كل آمالنا وطموحاتنا من أجل استقرارنا في حياتنا العامة ..ولكن كيف السبيل إلى تحقيق هذا الحلم والوقع يقول: يجب أن تعبد الطرق المؤدية إلى الحوار بحوارات أولية تغتسل فيها وبها القلوب والضمائر بماء التوافق والوفاق الحقيقي وطنياً وأخلاقياً حتى يتجلى المشهد الأم في بلادنا على كافة المستويات الشعبية والرسمية والحزبية مشهداً مستقر النفس وعقلاني التوجيه بلا أدنى ارتباك أو تقاطع أو مفارقات أو أهواء ذاتية أنانية وحينها فقط سوف يكون الدخول إلى قاعة الحوار نظيفاً وظاهراً وصادقاً بإذن الله تعالى ..اخلص إلى القول بأننا الآن بحاجة ماسة إلى تفعيل حملة توعوية تصل قمة الهرم بادناه على المستوى الرسمي والحزبي والمدني والحراكي...الخ وإلا ما معنى النسب التي تمثل أطراف الحوار؟ أليس فيما سيتمخض عن مؤتمر الحوار فيها مستقبلنا جميعاً؟ فلماذا إذن نكون مع قمة أهرامنا الحزبية والحكومية شركاء في المحن والمعاناة ولا نكون شركاء في تقرير مصير غدنا المنتظر..أقول هذا وأقصد أن أحزابنا عليها ألا تمارس مع قواعدها رذيلة التهميش في مثل هكذا قضايا وكذلك الحكومة وتتودد إليها بل تتنزل من أبراجها العاجية إليها في مسائل أخرى؟ فالحوار قبل الحوار تأشيرة اطمئنان لبلوغ الهدف الوطني المنشودة بإذن الله تعالى- صحيح أن الثوابت العامة للحوار لا يختلف عليها اثنان لأن المصالح العليا للوطن والوحدة الوطنية فوق كل اعتبار ولكن القضايا الكبرى التي تبدو اليوم كذلك وتحتل أولوية في قائمة الحوار القادم كانت قبلاً جزئيات هناك و هناك تلملمت إلى أن تشكلت قضية بالحجم الذي عليه اليوم لهذا فإننا ندعو هنا إلى الاهتمام بالمستويات الدنيا من المجتمع وبقضاياهم والتواصل معهم حزبياً ورسمياً ( ولن تعدم وسائل ذلك) وصولاً إلى قناعات عامة لدى هذا الطرف أو ذاك تشكل ملفاً تحاورياً يتقدم به الأطراف في إطار الثوابت الوطنية العامة لليمن أرضاً وإنساناً ووحدة وطنية ..وأسباب وجهة نظرنا هذه كثيرة أهمها هي أن جميع أطراف الحوار تقريباً مجمعون على مصلحة اليمن والشعب والوحدة اليمنية والحقوق العامة والخاصة وكلهم يرفعون هذا الشعار تقريباً أيضاً وما داموا كذلك فلماذا إذن يختلفون؟ هم يختلفون في التفاصيل والجزئيات لدرجة صار هذا الاختلاف قضية ..من أجل ذلك نقول انزلوا إلى المستويات الدنيا وقضاياها واخلقوا حالة من حسن النوايا حتى يساعد ذلك في خلق جو هادئ ومثالي لمؤتمر الحوار الوطني القادم والناجح بإذن الله تعالى. رابط المقال على الفيس بوك