التعيين الرئاسي لامرأتين “قاضيتين” في اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء.. بادرة وطنية جيدة وانتهاج ديمقراطي يحسب لصالح قيادتنا الرشيدة وتأكيد على أن المرأة قادرة على تحمل مسئولية إدارة الشئون السياسية للبلاد.. وهذا تأكيد لا يمكن إنكار واقعيته أبداً، فالمرأة مخلوق إنساني أوجد الله تعالى فيه ذكاءً إدارياً فطرياً ومن خلاله تمكنت من إدارة شئون جمهوريتها الأسرية وتوفقت في ذلك.. فهي قبل كل شيء أم تظل حريصة جداً على تقديم خدمات الرعاية والعناية الاجتماعية لزوجها وأطفالها وتوظف ذكاءها في تصويب أخطاء الأبناء ومعالجة مشاكلهم منذ الصغر وحتى الكبر، كذلك فإن المرأة تنفرد عن أخيها الرجل بميزه الصبر طويل المدى على ما تواجهه من مشاكل ومنغصات الحياة مهما كبر حجمها أو صغر وتظل تتحمل تبعاتها وفي نفس الوقت تقوم بتحليل ودراسة عقدها بروية وبعيداً عن الانفعال السلبي المتسرع وبذكاء خارق ودهاء ناعم تتمكن في نهاية الأمر من معالجة هذه المنغصات والمشاكل، وهناك أمثلة واقعية تؤكد لنا مصداقية ذلك فها هي أم النبي موسى “عليه السلام” والذي بعد ولادته خافت عليه أمه من أن يقتله جنود فرعون فقامت برميه في اليم الذي ساقه إلى قصر فرعون فاتخذته امرأة فرعون ولداً لها وبعد ما عرفت أم النبي موسى بأن ولدها الرضيع لا يزال حياً يُرزق وترعاه أيادٍ أمينة أطمأن قلبها ولكن شغفها في احتضان ولدها وحزنها على فراقة شعور قاسٍ لايزال يهز كيان أمومتها وحتى لا تعرض حياة طفلها للخطر ظلت متحملة قسوة ومرارة هذا الشعور اللا إرادي وبفضل صبرها وذكائها نجحت في معالجة مشكلتها حيث أصبحت مرضعة لطفلها النبي موسى والذي هو الآخر وبفضل ذكاء وحسن سياسة امرأة فرعون نجا من مقصلة الموت الفرعونية، وكذلك أيضاً يوجد في نصف عقل المرأة ذكاء خاص لمعالجة المشاكل المصيرية والأكثر تعقيداً والتي قد يعجز الرجل عن معالجتها وفك عقدها، فها هي ملكة سبأ بلقيس والتي اعتقدت في زمانها الغابر أن مملكتها هي ذات قوة وبأس شديد ولن يقدر على هزيمتها أحد.. وفجأة جاءتها رسالة شديدة اللهجة ومن سليمان “عليه السلام” وفحواها بما معناه.. أسلمي تسلمي قومك دمار قد يدخل مملكة سبأ في موسوعة الهالكين في خبر كان، فكانت ردة فعل بلقيس على ما جاء في الرسالة هو التأني وعدم التسرع في اتخاذ أي قرار قد يكون غير موفق وليس بصالحها وقامت بدراسة الرسالة وتحليل لهجتها بدقة وأمرت عيونها بالبحث الاستخباراتي عن جواب السؤال من هو الملك سليمان؟ وما حجم قوته العسكرية؟ فجاءها الجواب اليقين، فأدركت حينها بأن ما جاء في الرسالة هو خطر لابد من تفاديه وبأي ثمن كان وأنها ليست مجرد دعابة أو أنه تهديد عابر ورأت بأن اللجوء إلى سياسة الاستسلام والخضوع هو الحل الوحيد لمشكلتها مع النبي سليمان “عليه السلام” ولكنها فضلت كتمانه مؤقتاً فاجتمعت بمستشاريها لتعرض عليهم صورة كاملة عن ما جاء في الرسالة فأشاروا عليها أولاً بحل الحرب ومواجهة جيش النبي سليمان ولكنها أقنعتهم بواقعية الحل التي توصلت إليه وأخبرتهم بما معناه أن جيش سبأ ماهو إلا قطرة ماء صغيرة جداً في بحر جيوش الملك سليمان وبذلك جنبت مملكتها وقومها مصير التدمير والهلاك. ختاماً: وبعيداً عن عرض المزيد من الوقائع الدالة على امتلاك المرأة لقدرة ذكاء خارقة، فإنني أقول: بأن تعيين امرأة أو امرأتين أو ثلاث أو أربع يعد بحد ذاته نهجاً ديمقراطياً حكيماً ولكنه في نفس الوقت استحقاق غير مكتمل ذلك لأن نسبة تولي المرأة اليمنية لمناصب سيادية ضئيلة جداً ولذا فإنه يجب على قيادتنا الرشيدة العمل على رفع نسبة سقف هذا الاستحقاق الديمقراطي والاستمرار في تنفيذ سياسة سحب المرأة المتعلمة من العمل في الظل وإشراكها في تحمل مسئولية إدارة شئون البلاد والعباد، فمشاركتها قد تعزز وتقوي وتسرع من عملية البناء والنماء فأنا لم أقل ذلك جزافاً بل استناداً على ما حققته بعض النسوة اليمنيات من نجاحات مبهرة وشرّفت اليمن ورفعت من هامته محلياً ودولياً، وهناك نساء أخريات لا يزلن ينتظرن السماح لهن في المشاركة الفعلية في عملية تنمية الوطن وتطويره.. شريطة أن لا تخرج مشاركة المرأة عن إطار مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي. رابط المقال على الفيس بوك