القرارات العسكرية والأمنية التي أصدرها ليلة الأربعاء رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، خطوة تطمينية مهمة للشارع ،الذي ظل طيلة الفترة الماضية يرقب مثل هكذا قرارات ، لأنه يرى أن التقاطعات الحادة هي التي تختزل المشهد السياسي والأمني في اليمن وتعبر عنه بقوة ،وأن حضورها الضاغط بهيئة (الثنائيات) يجعل من حالة الاستقطاب مساحة جاذبة للعب (غير النظيف ) للفرقاء ومراكز القوة العسكرية الساندة لها ، والتي قد تعيق أي تحولات في اتجاه استقرار الأوضاع والذهاب (بتخفف )إلى الاستحقاقات القادمة وعلى رأسها مؤتمر الحوار الوطني . الثنائيات هذه لم تتقلص خلال الفترة الماضية، إلى عينات معقولة قادرة على التعبير عن التمثيل الطبيعي لمجتمع يتعافى من خضاته الكبرى، بل تتكاثر وتستطيل لتعبِر أكثر عن حالة التشظي والانقسام المهول فيه. فالثورة لم تزل أزمة عند الآخر. والفيدرالية في دعوة المتعاطفين مع القضية الجنوبية هي فك الارتباط واستعادة الدولة عند الصوت المرتفع والمنخفض أيضاً في الحراك . حماة الثورة هم المنشقون عند من درج الطرف الآخر على نعتهم بجند العائلة. الشرعية الدستورية (التي أفرزتها انتخابات 21 فبراير) تتواجد في مساحة بعيدة عن مساحة القوة التي يمتلكها الطرف المفترض أن يكون منزوعاً منها (بفعل هذه القرارات ). المعارض هو الحاكم الفعلي بحكم الممارسة. النخب المرتبطة بالمشروع الاقليمي وممولة منه منذ عقود يقابلها مسنودات إيرانية تتشكل وتتقوى بسرعة لم تزل القنوات الرسمية التذكير بها من وقت لآخر بعد أن أشار الرئيس هادي إليها علناً من على منبر الكلية الحربية في يوليو الماضي ثنائيات فاعلة تتغذى من حالة الميوعة والتشظي المكتسبين بفعل التهادن التي تفرضها القوى الضاغطة(اللاعبون الأساسيون/ دول الوصايا) ، ووجدت في الرغبة العامة النابذة للاقتتال الأهلي سنداً لما تختاره لاكما نريد نحن المواطنين. التعويل في تجاوز هذه الحالة مرهون بدرجة رئيسة بإرادة سياسية قوية صادرة من مؤسسة حكم لها قرارها المستقل، غير المكبل بهذه الثنائيات القاتلة ،التي يحاول رئيس التوافق تفكيكها بحذر شديد ،ولعل القرارات العسكرية الأخيرة التي تمهد لذلك ، ووحدها القادرة على تحييد كتلتي التعارضات المتقاطعة التي تدعي كل واحدة منها أحقيتها به . لهذا فالقرارات بحاجة إلى دعم شعبي وتنفيذها إلى مساندة فاعلة. رابط المقال على الفيس بوك