نواصل الحديث حول النظم السياسية التي تعد همنا اليومي خلال هذه المرحلة من الحياة السياسية ، بهدف خلق وعي معرفي لدى أبناء شعبنا وبما يمكنهم من الحوار المفيد بدلاً من الجدل الهزلي الذي يمارسه البعض دون الوصول إلى نتيجة مقنعة وإذا كانت المواضيع السابقة قد تحدثت عن النظم السياسية حديث كل عام فإن الحديث خلال هذه المرحلة سيكون عن النظام السياسي القائم في الجمهورية المنصوص عليه في دستورها الذي استغرق اعداده حواراً وطنياً طويلاً ومر بمراحل ومحطات سياسية بالغة التعقيد، ولم يأت هذا الدستور بين يوم وليلة كما يتصور البعض من الذين لا يدركون البعد الاستراتيجي لمفهوم الدستور وقد جرى الاستفتاء الشعبي الأول على الدستور الحالي في يومي 15و16 /5/991م ووافق الشعب على مشروع الدستور بنسبة 98.3 % ثم مرَّ الدستور بالعديد من التعديلات التي استجابت لمتطلبات الحياة السياسية ولأن الموضوع يطول استعراضه بهذه المواضيع فإنني أحيل القارئ الكريم والمتابع اللبيب والحريص إلى كتاب المشاركة السياسية في اليمن بين التقليدية والحداثة في الفترة من 1962م إلى 2007م وهي الرسالة التي نلت بموجبها الدكتوراه بامتياز إن دستور الجمهورية اليمنية الذي استغرق وقتاً طويلاً وجهوداً كبرى بذلها خبراء القانون الدستوري والنظم السياسية ليس عملاً فردياً بل جهد جماعي علمي موضوعي ورغم ذلك فإن الدستور اليمني لم يكن جامداً بل مر بالعديد من مراحل التجديد والاستفتاء ومع ذلك كله فإن دراسته أمر لازم من أجل التعرف على مواطن القوة والضعف والاستفادة من كل ذلك ، فبدلاً من ضياع الوقت في دراسة التجارب الخارجية أو الصيغ الجاهزة والقوالب الجامدة ومحاولة تطبيقها على اليمن فإن العقل والمنطق يحتم على ذوي الخبرة والتجربة أن يدرسوا تجارب الوطن لمعرفة العيوب والمزايا لأنها طبقت على أرض الواقع ولامست الخصوصيات الجغرافية والبشرية لليمن. إن الحديث عن الدستور يقودنا إلى الحديث عن شكل الدولة الذي رسمه ذلك الدستور على اعتبار أن تحديد شكل الدولة في الدستور من أرقى اساليب الحياة السياسية التي تعكس رغبة الشعب وتحقق أحلامه وآماله وتطلعاته وإن كنت قد تناولت شكل الدولة من المواضيع السابقة فإن ذلك من الجانب النظري أما التناولات القادمة فإنها تأتي من واقع الحياة السياسية التي نص عليها دستور الجمهورية اليمنية وهو ماسنتناوله في الأعداد القادمة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك