أثبتت تجربة مجلس التعاون الخليجي أنها بمثابة زاد أضافي يمد ساحة الوطن العربي بالاستقرار والنماء , فضلاً عن منافحة المجلس عن القضايا القطرية والقومية للأمة العربية ، وتوفير كافة الضمانات والمناخات الملائمة التي تدفع باتجاه تطور التجربة الاتحادية لدول الخليج وبما يتماشى مع متغيرات العصر وايقاعاتة المتسارعة. لقد خاضت المنطقة العربية تجريب العديد من صيغ الاتحادات ومجالس التعاون التي فشلت الواحدة تلو الأخرى وبقي مجلس التعاون الخليجي ، الذي يعقد دورته الثالثة والثلاثين في العاصمة البحرينية مكرساً أنموذجاً يحتذى به في تطوير ميادين التعاون المشترك وتعزيز العلاقات الثنائية وتحفيز النمو الاقتصادي والاستثماري وتحقيق معدلات نمو مرتفعة بالإضافة إلى ما رسخه مجلس التعاون الخليجي في إطار منظومة الأمن الخليجي وتعزيز الأمن والاستقرار الدوليين في منطقة حيوية تنتج وتصدر وتمر عبرها نسبة كبيرة من احتياجات العالم للطاقة. ويكفي للتدليل هنا الإشارة إلى الدور المحوري لمجلس التعاون الخليجي في إرساء و تثبيت مبادئ التعاون وجهود تثبيت الأمن والاستقرار ، حيث يتضح ذلك في مواقفه الداعمة والراعية لحل الكثير من المشاكل والتحديات التي تواجه الأمة العربية قاطبة.. ومن تلك المواقف رعايتها لمسيرة الانتقال السلمي للسلطة في اليمن عبر مبادرتها المزمنة ، وإلقاء مجلس التعاون بثقله السياسي والمادي لمساعدة اليمن في الخروج من شرنقة الأزمة التي عصفت به ، سواء في التطورات الأخيرة أو في دعمه لمسارات التنمية خلال العقود الماضية ، إذ تجلت أشكال هذا الدعم و المساندة في تمويل برامج التنمية وبذل مساعيها وجهودها لإزالة الاحتقانات السياسية ، وكذلك في إشراك اليمن ضمن عدد من لجان ومؤسسات المجلس تمهيداً لانضمامه الكامل إلى هذا التجمع والذي يعتبر اليمن في إطار منظومته الجغرافية ، فضلاً عن موقعه الجيو – ستراتيجي وثقله السكاني وتجانسه الثقافي والاجتماعي وموروثه الحضاري المشترك مع دول وشعوب منطقة الخليج العربي.. وكلها عوامل – بالطبع – تدفع باتجاه - ليس فقط في تعزيز الشراكة البينية – وإنما في استيعاب اليمن ضمن منظومة دول المجلس بصورة كاملة خلال الأعوام القادمة. ومن نافلة القول إن تعزيز الاستقرار في اليمن هو عامل أمن واستقرار للمنطقة ككل وهو ما أكدته الأزمة الأخيرة التي عاشها اليمن ، حيث سنحت هذه الأزمة لقوى إقليمية بعينها – تناصب العداء للدول الخليجية – التغلغل والتدخل في الشأن اليمني وفي العمل على تهيئة الأرضية الفكرية لدعم توجهاتها تلك بإثارة الأحقاد بين مكونات المجتمع ومحاولة تفتيت اللحمة الوطنية بهدف إبقاء الساحة اليمنية مرتعاً خصباً للتجاذبات السياسية وعدم الاستقرار وبما يفضي إلى جعلها نقطة ارتكاز لتمرير مخططات عدائها واعتدائها ضد دول منطقة الخليج العربي ، وهو المخطط الذي استوعبته دول المجلس وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي كان لها سبق الإسهام في تعزيز تضامن دول الخليج مع الدول العربية برفض ومقاومة مثل هذه المشاريع العدائية. ونتذكر نحن في اليمن صدقية هذه المواقف الأخوية البناءة من قبل الأشقاء في الخليج ومساهمتها الجادة والفاعلة في إخراج الوطن من تلك الأزمة التي كادت أن تأتي على الأخضر واليابس لولا المواقف المساندة تلك واستشعارها للمسؤولية الأخوية من خلال وضع برامج وآليات مزمنة تقي اليمن مخاطر الانزلاق إلى أتون حرب أهلية مدمرة ، وهو ما يستحق عليه الأشقاء في منظومة الخليج العربي كل الثناء والعرفان وبخاصة في هذه المناسبة التي يتزامن فيها انعقاد دورة مجلس التعاون الخليجي مع مرور عام على التسوية السياسية وبدء المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية للتسوية التي تحتاج كذلك إلى المزيد من الدعم والمساندة وبالذات من زاوية تشجيع الأطراف اليمنية جميعها للدخول والمشاركة في الحوار الوطني الشامل- إن لم تكن قد فعلت ذلك - الذي يعلق عليه اليمنيون والمحيط الإقليمي والدولي عظيم الأمل وكبير الرجاء بأن تنفرج الأزمة نهائياً .. وهو أمر لم يبخل الأشقاء في إمكانية تحقيقه إلى واقع معاش بعد أن كان مجرد أضغاث أحلام.. باعتبار أن اليمن – إن لم يكن للاعتبارات السالفة – فذلك لأنه يمثل العمق الاستراتيجي لمنظومة دول الخليج العربي. رابط المقال على الفيس بوك