تواجه المجتمعات المتقدمة مشكلاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية باستخدام المنهج العلمي الذي يقدم الحل الناجح لكل تلك المشكلات , فواجهت تلك الدول الظواهر الطبيعية المتمثلة بالأعاصير والزلازل والبراكين والأمراض المستعصية متمثلة بأمراض الإيدز والسرطان والمشكلات التعليمية والنفسية وغيرها . كل ذلك تواجهه الدول المتقدمة بإنشاء مراكز أبحاث علمية لكل ظاهرة ويُستدعى لتلك المراكز المتخصصون من أصقاع الأرض وتقديم دراسات علمية تقترح كيفية مواجهة تلك الظواهر وتكون دراسات تلك المراكز ملزمة على الحكومات في تلك الدول, وعلى الحكومات توفير كل الإمكانات المادية والبشرية لتلك المراكز . وما أحوجنا في اليمن و نحن نواجه مشكلات جمة ومتعددة ومعقدة, ما أحوجنا الى استخدام المنهج العلمي في مواجهة تلك المشكلات والقيام بإنشاء مراكز أبحاث علمية توفر الدولة لها كافة الإمكانيات المادية والبشرية وتكون قراراتها ملزمة للحكومة . فمثلاً عندما ترغب الحكومة في مواجهة ظاهرة القات عليها إنشاء مركز بحث علمي يستدعى لهذا المركز العلماء و الخبراء من كل التخصصات , حيث يجب أن نعرف رأي علماء الدين من القات وعلماء الطب وكذلك الاقتصاد , وما الحلول البديلة للمتضررين كل ذلك يجب أن يتم بدراسات علمية وواقعية , لا سيما وظاهرة القات في اليمن متواجدة منذ مئات السنين . وإذا أردنا كذلك مواجهة ظاهرة حمل السلاح فلا بد أيضا ً أن نواجهها بالمنهج العلمي بقصد إنشاء مركز بحث علمي لهذه الظاهرة حيث يتم دراستها من جميع النواحي الاجتماعية والنفسية والثقافية والقبلية و تقديم الحلول الناجحة لها. وكذلك المشكلات التعليمية المتعددة والمستعصية لابد من مواجهتها بتفعيل دور مركز البحث التربوي التابع لوزارة التربية و التعليم ولابد من انشاء مراكز بحث تربوية فرعية في كل المحافظات و يُستدعى لهذه المراكز الخبراء في كل التخصصات التربوية و تقديم حلولا ً علمية تكون ملزمة على الحكومة , ولدينا آلاف الخبراء في التربية و التعليم و لكن لا أحد يطلب منهم المشورة أو الرأي , وإن طلب يكون خارج نطاق المنهج العلمي . وخلاصة القول: إن الإجراءات التي تتم اليوم من قبل الحكومات المتعاقبة لمواجهة المشكلات التي يمر بها الوطن بأنواعها لم يُكتب لها النجاح لأنها تتم خارج نطاق البحث العلمي , فلا يكفي مثلا ً أن نواجه ظاهرة القات بإنشاء جمعيات لمواجهة أضرار القات ولا القيام بأعراس بدون قات و لا يكفي مثلا ً عند مواجهة ظاهرة حمل السلاح أن نمنع حمل السلاح في المدن ليُخزَن في المنازل أو القرى وعندما يُستدعى للخروج نجده في كل الشوارع . وعندما نواجه مشكلات التعليم لا يكفي أن نقيم الندوات و الاحتفالات و تقديم الوعظ و النصائح فلا بد من إيجاد مراكز بحث علمية تخرج بحلول علمية للمشكلات التعليمية لا سيما إذ اعتبرنا أن القطاع التعليمي يجب أن يُنظر إليه كمنظومة واحدة ومتكاملة . إن الدول المتقدمة تقدمت و تطورت لإستخدامها المنهج العلمي منذ النصف الثاني من القرن الماضي فلماذا نحن ما زلنا و في القرن الواحد والعشرين نمارس آليات وإجراءات قد عفى عليها الزمن وكانت من آليات القرون الوسطى , فمتى نحترم العلم والعلماء . رابط المقال على الفيس بوك