كلما بعثرتنا الحياة، تمحورنا الصلاة في اتجاه واحد. كلما عربدت في دمائنا هرمونات إنسان الغاب، غسلتنا الصلاة في نهرها العذب خمس مرات؛ لنسترد إنسانيتنا المصادرة. كلما تلطخت أقدامنا وأيدينا وألسنتنا وعيوننا وآذاننا في أوحال الخطايا، نفر إلى الوضوء سائلين الله أن يغسل أدراننا الباطنة كما نغسل أدراننا الظاهرة. كلما حاصرتنا ضغوط الحياة بمشاغلها ومواجعها وشعرنا بضعفنا نلوذ بالصلاة؛ لنستمد منها قوة لا متناهية. كلما شعرنا بالغربة والتوحش خرجنا إلى الصلاة وقلوبنا تعانق السماء نرمي بالعالم خلف ظهورنا في تكبيرة الإحرام ونحتضن الملكوت ونحن نضع أيدينا على صدورنا. كلما بلغت القلوب الحناجر وزاغت الأبصار وطال انتظار الفرج هرعنا إلى أبواب الله نمرغ جباهنا بين يديه فيمنحنا طاقة صبر إيجابية لا متناهية تساعدنا على صمود لا متناهي لا يتطرق إليه ياس أو سأم. كلما حاصرتنا غرائزنا الأنانية في قوقعة الذات حررتنا الصلاة وهي تجبرنا على استحضار ذاتنا الجماعية، ونحن نقف صفوفاً متساوية أو فرادى نتحدث بلسان المجموع: «إياك نعبد وإياك نستعين»، ونسأل بلسان المجموع: «اهدنا الصراط المستقيم». كلما تضخمت أورام الطاغوتية في مجتمعاتنا وتسلط بعضنا على بعض ارتفع صوت المؤذن: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، فنعلنها ثورة لا تتوقف حتى ينفرد الله بالكبرياء والملكوت لا شريك له، وحتى يكون الحاكم المتجبر مجرد أجير خادم ويهتف رب العزة: الكبرياء ردائي والعزة إزاري, فمن نازعني واحداً منهما قصمته ولا أبالي.. كلما سولت للبعض نفسه أن يمارس الكهنوت باسم الدين محاولاً احتكاره وتجريد الآخرين منه متوهماً ألا طريق إلى الله إلا إياه وألا هادي إليه إلا أياه، أو حتى احتكار المسجد ومنع الآخرين من الصلاة فيه، فتحت السماء أبوابها للجميع لتجعل الأرض كلها طهوراً ومسجداً وليذهب السدنة إلى الجحيم. إن يطردني حجاب جلالك يا ربي أو تغلق دوني الأبواب لن أبرح بابك مطّرحاً وأمرغ وجهي في الاعتاب من يرحمنا؟ هل غيرك يرحم يا تواب؟! رابط المقال على الفيس بوك