رسائل مُفخخة بالرهبة أحياناً نعيش هاجس حياتنا على أمل لقاء مُعين أو على إنجاح علاقة مُعينة، فجأة تتحول كُل الألوان أمامك إلى رمادية, يتحول كُل شيء أمامك من مُمكن إلى صعب، وتتحول الكتابة من ألوان زاهية تُناشد الأمل إلى ألم ينساب من على جدران جباهنا المُتعبة التي نذرناها على موعد طويل مع معركة حياة لا تنتهي بُمجرد موقف مُعين أو حالة مُستعصية. فجأة تتحول الحُروف إلى حالة انفصال فتتشقق كُل حُروف الهجاء بما في ذلك الألف والميم واللام، وتتحول إلى أشبه بحالة مُستعصية على الاستيعاب, على البقاء. كُل شيء خارج سُلطة القهر غير قابل للفهم, كُل شيء يتحول إلى حالة مُفجعة نعيشها تحت طائلة العذاب ويافطات الانتظار. أحياناً في لحظات خوف وخفقان من كُل شيء نتلقى رسائل من أشخاص لهم وقع خاص في ذاتنا يخبرنا أحدهم أن أباه مات، وفي خضم هذه اللحظات المُربكة والمُبكية لا نعرف كيف نتصرف إلا أن ننادي: مطر كن من الدمع المُكتسب كي نوجد أي مُبرر للتصالح مع الذنب. أحياناً نتلقى رسائل أخرى تُخبرنا بأن كُل شيء انتهى ولم يُعد هُنالك أمل للبقاء تحت طائلة العذاب، نعرف بعد ذلك كم نحن تُعساء ولا نصلح لشيء في هذه الحياة إلا كحقل تجارب للألم, والذي يستوطن أجسادنا, ويمنحنا فجيعة موت نهائية، بعد ذلك نقع شُهداء لحبرنا, ولا نعرف أي سبيل للبقاء مصدومين. أن نغتسل ببحر مُتكامل من الدمع والأغنيات, أن نرى في الحاضر مصدراً للارتواء, أن نرى في القادم حالة خوف, أن نرى أنفسنا فائضاً على الحياة, على شُباك وحنين الذكريات وأمل البقاء. لا بأس أن تصاب الأماكن الأكثر حساسية فينا بحالة صدأ, لا بأس أن نُضحي بشيء مُقابل سعادة الآخرين, لا بأس أن نحمل معاطفنا ونرتحل بضوء فجر لا يعرف إلا حالة السواد. حقاً إنها رهبة مُخيفة, رهبة مُفخخة بشتاء يناير, برائحة عاطفة عهدنا لها يوماً ما أن لا تنتهي بحادث سير مُفجع!. علينا أن نعي أن الحياة معلولة بالظروف, أن نؤمن بموميات بشر من حولنا يتحسسون لنا لحظات سُقوطنا, هزيمتنا؛ كي يذرون على طريقنا ملحاً حامضاً؛ كي لا نقوى على الانتصاب مرة أخرى على طريق الأمل. سماحة الصمت, سماحة العذاب، دعني أعلن عزاءً نهائياً لكُل شيء يسقط من حولي, لكل شيء آمنت به ولم يتحقق, عن لعنة مُجتمع مُحاصر يلفظ بك في سكة أكثر موتاً من حالة حياة مُتعبة. حياتنا دائماً رسالة علينا أن نتقبل كُل جوانبها بكل جدية, علينا أن لا نعيش بعواطف نقية كي لا تتسخ في رماد وحل كفيل بطي أجسادنا النحيلة ورميها كمُخلفات بشرية بلا شفقة وبلا رحمة. وعلينا أن نؤمن بلحظات الاحتضار, كي نقوى على الصمود إن أمكن ذلك في يوم ما؛ لأن هُنالك أكثر من رسائل كفيلة الحياة بمنحنا إياها كي نستفيد من كُل واقعة بائسة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك