“الحوثيون قتلوا مواطناً في معبر لأنه رفض السماح لهم تعليق شعارات الاحتفال بعيد ميلاد النبي «صلى الله عليه وسلم» فوق محل الاتصالات اللي يشتغل فيه. إرهاب دا والا مش إرهاب يا بتوع المدارس؟”. موسى النمراني (صحفي وناشط حقوقي- المصدر) أمامك طريقتان للاحتفاء بالنبي بمناسبة مولده, الأولى على الطريقة الحوثية بإمكانك فيها أن ترفع شعار(النبي إمامنا) احتفاءً بمولده, وأخرى على الطريقة السلفية تستطيع فيها أن تحاضر عن حكمة وتسامح وأدب الرسول ثم تلعن وتحقد براحتك من أجل الاحتفاء بمولد النبي أيضاً, وفي الحالتين أنت تحرّض الناس على الموت بدل أن تحثهم على الحياة, فتصرخ في حشد استعراضي في صنعاء أو صعدة (الموت لأمريكا) وتقتل مواطناً في حجة حباً في النبي طبعاً, أو تهتف في ساحة الحرية بتعز مع بليغ التميمي (الموت في سبيل الله) احتفاء بمولد النبي ثم تؤكد أن مولده حياة لنا. في المقهى كان اثنان يتصارعان حول ميلاد النبي, يساري مع الحوثي نكاية بالإصلاح وسلفي مع الاصلاح حقداً على الحوثي, سألني أحدهم: من أقرب الناس لمحمد النبي, الحوثي عبدالملك أم الزنداني عبدالمجيد؟ قلت لهما:الاستماع لصوت الفنانة أم كلثوم, لا أدري كيف انساب الجواب مني لكني أحسسته صادقاً, تخيلوا معي أن الحشود التي اجتمعت لتسمع صرخة الموت للسيد الحوثي غنت مع أم كلثوم “ولد الهدى فالكائنات ضياء”, أو أن طلاب جامعة الإيمان غنوا معها بصوتها العذب عن جمال النبي “سلوا قلبي” بدل نشيد الزنداني عن إقامة الخلافة والدفاع عن خطورة العلمانية, لكن كيف نحتفل نحن بميلاد النبي؟ بالموت الملغم الآتي من خرافة “السيد”, بالارهاب الفكري المخبأ في عمامة “الشيخ”, أو بالترنم الجميل المسافر من صوت “أم كلثوم”. شخصياً لم أحتفل في حياتي بميلاد أحد, حتى ميلادي أنا, ولم يستقم في بالي أن هناك “احتفال بمولد نبوي” وهو مرتبط بزمن بداية نزول الوحي, لست ضد الاحتفال بالميلاد كونه بدعة كما يعتقد السلفيون وهم يحاججون الصوفة, لكني ضد أن يتحول الاحتفال بميلاد النبي الى وسيلة لنشر ثقافة الموت كما يفعل الحوثيون, أو طريق لنشر الخرافة كما يفعل الصوفة, ضد أن يتحول النبي إلى ملصق دعائي يتناحر عليه المتعصبون على جدران الوطن لتحقيق مآرب سياسية. واذا كان الصوفة يحتفلون بالنحيب ومشائخ الإصلاح بتسميم لحومهم, فإن الحوثي يحتفل بميلاد النبي بطريقة غريبة, بالدم, يعتقل معارضيه في صعدة, وبسبب ألغامه يتحول الأطفال إلى أشلاء في حجة, يقيم عرضاً عسكرياً و يتساءل عن هيبة الدولة, يندد بانتهاك السيادة و يشجع الانفصال,.. يدرك الحوثي أن الرسول تماماً ضد فكرة “السيد” ومع كون الناس أحراراً, ومع ذلك يريد أن يقنعنا بأحقية جعلنا عبيداً لسلالته وبمسمى“آل البيت”. يخطر ببالي أحياناً.. ماذا لو ظهر النبي بيننا الآن!! وشاهد بعض مشائخ الإصلاح وهم يرددون “الاسلام او الموت” سيستغرب من إصرارهم على أنهم ورثته مع أنه لم يورث أحداً!, ربما يفكر – وهو الذي أقام وثيقة مدنية مع اليهود- بزيارة صعدة ويجد الحوثيين يصرخون “الموت لاسرائيل” سيضحك من كون الضحايا في اليمن!, ربما سيغفر للصوفة كون نحيبهم النبوي دافعه المودة, لكن ماذا لو رأى اليساريين ينظّرون للديمقراطية ولا يتقبلون نتائجها!, ومن يدّعون محبته يكتبون الترهات عنه ويثيرون الأحقاد باسمه!.. ربما سيعود من حيث عاد. إشادة أصدرت الأمانة العامة لتجمع الاصلاح بياناً حول اعتقالات الحوثي تزامناً مع الاحتفال بالمولد النبوي, الانصاف يستدعي القول إن صيغة البيان كانت كما وصفها الصحفي محمد العلائي “تتسم بالهدوء والرصانة”, الاحتفال بمولد رسول الحرية لا يكون - كما يقول البيان- «بتقييد الحريات وإهانة الناس والتضييق عليهم ». أتمنى أن يقرأ بعض الإصلاحيين أيضاً العبارة الأخيرة بعناية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك