“الحوثيون قتلوا مواطن في معبر لأنه رفض السماح لهم تعليق شعارات الاحتفال بعيد ميلاد النبي فوق محل الاتصالات اللي يشتغل فيه. إرهاب دا والا مش إرهاب يا بتوع المدارس؟”. موسى النمراني (صحفي وناشط حقوقي- المصدر) * * * أمامك طريقتان للاحتفاء بالنبي بمناسبة مولده, الأولى على الطريق الحوثية بإمكانك فيها أن تسب عائشة مثلا وترفع شعار (النبي إمامنا) احتفاء بمولده, وآخر على الطريقة السلفية تستطيع فيها أن تحاضر عن حكمة وتسامح وأدب الرسول ثم تكفر وتلعن وتحقد براحتك من أجل النبي أيضا, وفي الحالتين أنت تحرّض الناس على الموت بدل أن تحثهم على الحياة, فتصرخ في حشد استعراضي في صنعاء أو صعدة (الموت لأمريكا) وتقتل مواطناً في حجة حبا في النبي طبعا, أو تهتف في ساحة الحرية بتعز مع بليغ التميمي (الموت في سبيل الله) احتفاء بمولد النبي ثم تؤكد أن مولده حياة لنا. في المقهى كان اثنان يتصارعان حول ميلاد النبي, يساري مع الحوثي نكاية بالإصلاح وسلفي مع الاصلاح حقدا على الحوثي, سألني أحدهم من أقرب الناس لمحمد النبي, الحوثي عبدالملك أم الزنداني عبدالمجيد؟ قلت لهما: الفنانة أم كلثوم, لا أدري كيف انساب الجواب منى لكني أحسسته صادقا, تخيلوا معي أن الحشود التي اجتمعت لتسمع صرخة الموت للسيد الحوثي غنت مع أم كلثوم “ولد الهدي فالكائنات ضياء”, أو أن طلاب جامعة الايمان غنوا معها بصوتها العذب عن جمال النبي “سلوا قلبي” بدل نشيد الزنداني عن اقامة الخلافة والدفاع عن خطورة العلمانية, لكن كيف نحتفل نحن بميلاد النبي؟ بالموت الملغم الآتي من خرافة “السيد”, بالارهاب الفكري المخبأ في عمامة “الشيخ”, أو بالترنم الجميل المسافر من صوت “أم كلثوم”. شخصيا لم أحتفل في حياتي بميلاد أحد, حتى ميلادي أنا, ولم يستقم في بالي إن هناك “ميلاد نبوي” فعندما ولد محمد لم يكن نبيا, بالإمكان القول إن هناك ميلاد نبوة وهو مرتبط بزمن بداية نزول الوحي, لست ضد الاحتفال بالميلاد كونه بدعة كما يعتقد السلفيون وهم يحاججون الصوفة, لكني ضد أن يتحول ميلاد النبي الى وسيلة لنشر ثقافة الموت كما يفعل الحوثيون, أو طريقا لنشر الخرافة كما يفعل الصوفة, ضد أن يتحول النبي إلى ملصق دعائي يتناحر عليه المتعصبون على جدران الوطن لتحقيق مآرب سياسية. واذا كان الصوفة يحتفلون بالنحيب ومشائخ الاصلاح بتسميم لحومهم, فإن الحوثي يحتفل بميلاد النبي بطريقة غريبة, بالدم, يعتقل معارضيه في صعدة, وبسبب ألغامه يتحول الاطفال الى أشلاء في حجة, يقيم عرضا عسكريا و يتساءل عن هيبة الدولة, يندد بانتهاك الامريكان للسيادة اليمنية و يشجع الانفصال,.. يدرك الحوثي أن الرسول تماما ضد فكرة “السيد” ومع كون الناس أحرارا, ومع ذلك يريد أن يقنعنا بأحقية جعلنا عبيدا لسلالته وبخرافة تاريخية اسمها “آل البيت”. يخطر ببالي أحيانا.. ماذا لو ظهر النبي بيننا الآن!! وشاهد بعض مشائخ الاصلاح وهم يرددون “الاسلام أو الموت” سيستغرب من اصرارهم على أنهم ورثته مع أنه لم يورث أحد!, ربما يفكر – وهو الذي أقام وثيقة مدنية مع اليهود- بزيارة صعدة ويجد الحوثيون يصرخون “الموت لاسرائيل” سيضحك من كون الضحايا في اليمن!, ربما سيغفر للصوفة كون نحيبهم النبوي دافعه المودة, لكن ماذا لو فتح له صفحة بالفيسبوك؟! ورأى اليساريين ينظّرون للديمقراطية ولا يتقبلون نتائجها!, ومن يدّعون محبته يكتبون الترهات عنه ويثيرون الأحقاد باسمه!.. ربما سيعود من حيث عاد, ربما يعرّج مرّة أخرى للسماء ..ليخاطب ربه: لقد أورثت لهم.. كلمة ,, ولم أورث لهم السّم أو الصرخة. إشادة أصدرت الأمانة العامة لتجمع الاصلاح بيانا حول اعتقالات الحوثي تزامنا مع الاحتفال بالمولد النبوي, الانصاف يستدعي القول إن صيغة البيان كان كما وصفها الصحفي محمد العلائي “تتسم بالهدوء والرصانة”, الاحتفال بمولد رسول الحرية لا يكون - كما يقول البيان- “بتقييد الحريات وإهانة الناس والتضييق عليهم “. أتمنى أن يقرأ بعض الاصلاحيين أيضا العبارة الأخيرة بعناية. [email protected] تنويه نظرا لظهور بعض الاخطاء في مقال الزميل محمد اللطيفي المنشور في عدد الاحد الماضي فإننا نعيد نشر المقال. رابط المقال على الفيس بوك