عنوان عريض حمله الصفحة الأولى من صحيفة الهوية الأسبوع الفائت يقول: لأول مرة يجتمع السنة والشيعة لإحياء ذكرى المولد النبوي.. وجمعت الصحيفة تحت هذا العنوان بين صورتي عبدالملك الحوثي وعمر بن حفيظ!! الصوفية هي الجماعة الإسلامية الوحيدة التي تحظى بحب الحكام العرب والمسلمين، وحب من يسعى للحكم من العرب والمسلمين!! أكيد هذا دليل القبول، وطبعا -وعلى قولة الحميد بن منصور: "الصفا مع القبول يزرع"!! في تونس تعاقبت الأنظمة التي صعد كل نظام منها على جماجم سابقه، وكان آخرهم نظام المخلوع زين الهاربين بن علي، ولم تتفق هذه الأنظمة المتناحرة على شيء سوى على سحل الإسلاميين وسحقهم باستثناء الصوفية، بل ظل الصوَفة يحظون بدعمهم ورعايتهم لأن للصوفة أفضل تصور للدين بحسب ما يراه هؤلاء الحكام، فالدين عندهم -والحديث عن الغالب وليس الجميع- هزهزة الرؤوس والدفوف في "الزوايا" مع زهد تام عن المناصب والسياسة والتغيير بآلية السلطة. وفي مصر: سحل الإسلاميين وسحقوا باستثناء الصوفية.. وذات الأمر حدث في المغرب ولا يزال الأمر قائما باستثناء بعض التغيير الذي طرأ مؤخرا تحت وقع ضربات الربيع العربي، ونفس الحكاية في الجزائر، وإلى آخر أسماء الدول العربية والإسلامية، فالحال من بعضه، وما فيش حد أحسن من حد. واليوم: هاهو الحوثي يغازل الصوفيين ويمد إليهم يده، أو ربما يمد إليهم رجله (لا أدري بالضبط، فالنظارة مكسورة ومن أمس عند صاحب الورشة)، وحب الحوثي للصوفية يقوم على ذات السبب الذي أحبهم لأجله الحكام الشموليون والطغاة المستبدون، وهو أن الصوفيين لا يطمعون في التغيير بآلية السلطة، وعلى هذا فهم يعتبرون -عند هؤلاء الحكام- من غير أولي الإربة من الإسلاميين. ما أجمل أن يجتمع كل المسلمين شيعة وسنة على حب النبي، وعلى ما جاء به النبي، وأن يجتمعوا محتفلين في مولد النبي، لكن اجتماع بعض الصوفة مع الحوثي هذا العام حمل رسالة سياسية ليست صوفية ولا صافية، وضحك الحوثي على بعضهم إذ اجتمعوا معه، وبينما هم يرددون: "مرحبا جد الحسين" ويهيمون في حب جد الحسين صلوات الله عليه، كان الحوثيون يتبعون مذهب "الحي أولى من الميت" ويرددون: مرحبا "ابن" الحسين!!