المحطات والمكاسب التي نالتها المعارضة اليمنية عن استحقاق، لم ينعم بها معارضو النظام في سوريا، وبالمقابل تمكن النظام السوري من تدوير المعادلة الإقليمية والدولية بطريقة أفضت إلى ما نحن فيه من تراجيديا مُرعبة .. الصين وروسيا يرفضان معاقبة النظام .. العراق وإيران يدعمان النظام، وفي لبنان ينال النظام دعماً لوجستياً مؤكداً. تلك الحالة ليست في اليمن البتَّة، فلا أحد يدعم النظام السابق، والجميع يقفون بالسر والعلن مع الشرعية التوافقية، وتلك واحدة من حسنات الدهور التي سيَّجتها الحكمة اليمانية بالاعتلاء إلى ذُرى القبول الشجاع بالتنازلات المتبادلة، والإقامة الحكيمة في معنى التاريخ والجغرافيا. وما دمنا بصدد المقارنة بين يمن ما قبل الربيع وسوريا ما قبل الربيع، فلا بأس من تقدير المثابة الاقتصادية الحمائية التي منحها النظام السوري لمواطنيه، فبالرغم من غياب الطنافس والبهارج إلا أن النظام توخَّى شكلاً من أشكال الحماية الاجتماعية على خط العمل والغذاء والدواء والسكن، مما هو قاصر قياساً بكثير من بلدان العالم، لكنه ظاهر الأثر قياساً باليمن التي كانت وما زالت نهباً لشكل من أشكال الرأسمالية المتوحشة التي تركها العالم منذ القرن الثامن عشر. ومهما يكن من أمر، فإن الميزات النسبية التي قدمها نظام دمشق انهارت أمام السلبيات المعروفة في تركيبة السلطة “الأتوقراطية الجمهورية” المتخمة بالفساد والعنف النفسي ضد مواطنيها. وعلى خط المقارنة بين اليمنوسوريا نشير إلى أن الجيش في اليمن لم يكن كامل الولاء للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والشاهد على ذلك حرب “صعدة” التي كشفت الاختلاف الواضح بين رؤية الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومُجايليه من كبار القادة العسكريين وفي مقدمتهم اللواء علي محسن الأحمر ، قائد الفرقة الأولى مدرع سابقاً، وبالمقابل كان ولاء الجيش السوري للنظام شاملاً وواضحاً أيضاً، وعلى المستوى الميداني كانت المليشيات الشعبية اليمنية المسلحة والمنظمة، في مستوى مقارعة جيش النظام من الحرس الجمهوري والأمن المركزي، كما ظهر جلياً في مواجهات منطقة “الحصبة” بالعاصمة اليمنيةصنعاء، فيما كانت المليشيات الشعبية السورية، وما زالت، تفتقر إلى السلاح والخبرة العسكرية المتناسبة مع حروب المدن. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك