كانت لتعز نكهة أخرى، نكهة برائحة جبل صبر، كنت أشتمها كلما عانقت عيناي حروفها، وكلما عبرت تفاصيل مدينتي خاطري.. لطالما آمنت بتعز مدينة متفردة، متفردة بفكرها بطموحها بوجعها بهموم أبنائها، مدينة عشق أزلي لم تروِ ظمأها من حبيبها.. لكنها اليوم لم تعد كذلك ، فبعد أن كانت مدينة يفزع لها القلب صارت مدينة يفزع منها القلب، توشحت بقبح لطالما اغتبناه في مدن أخرى متلحفة بالجهل والظلم وسوء الصنيع.. تعز مبتدأ العشق ومنتهاه كما كنت أسميها، أضحت مدينة الوحوش البشرية ، مدينة الانتهاكات، مدينة تتحلل من الأخلاق كجثة فرس أصيلة تأكلها الديدان...!! والله إني أسمع الآن صوت قارئ «يشقدفني من شق ياطرف»، لكن لا بأس عليك عزيزي القارئ أن تكمل القراءة ثم بوسعك أن توسعني سباً وشقدفة، بين فترة وأخرى تطالعنا وسائل الإعلام بفضيحة إنسانية مدوية مصدرها تعز، وكلها قضايا اغتصاب أطفال..!!..قضية «مرام» لا تزال حاضرة اليوم شاهدة وصورتها لاتزال حية في أذهاننا، تتوسلنا أن نحمي طفولة معذبة منتهكة، تقطن تعز موطن العلم والثقافة، موطن رفض الانتهاكات ، موطن التمرد على الظلم، ولكنها صارت موطن وحوش بشرية تستثير غرائزهم رؤية طفلة تلهو وتضحك.. والله فضحتونا ياجماعة بنات تعز أغلبهن عوانس، انشئوا مشروعاً يدعمه شوقي هائل و اعملوا زواجاً جماعياً واستروا أنفسكم، بدلاً من أن تتربصوا بالأطفال وتنتهكوا طفولة فتيات لا يفهمن من الحياة سوى لون الفستان وطول الضفيرة، ولا يفهمن من لبس البنطلون وخلعه سوى أمر تفرضه الأم أو الأب. يفترض بكم أن تكون قضية مرام هي قضيتكم الأولى، عليكم أن تتنبهوا أين صرتم، لم تعودوا قادة رأي وأقلام ،رضيتم أن تكونوا أداة في يد جهات سياسية متناحرة تستخدمون لحساب أفكارهم وتوجهاتهم، ونسيتم بناء مدينتكم التى لم ولن تبنى بالسياسة هي تبنى بالإنسانية والأخلاق، انتهاك طفولة مرام لا يخص مرام وأبيها بقدر مايخصكم أنتم ، تعلموا أن يكون لسان حالكم تتفقوا وتختلفوا فيما يخص مدينتكم، لا فيما يخص حميد الأحمر والحوثي وعلي عبدالله صالح. حوالي أسبوعين مذ قصمت الجريمة البشعة آخر معقل لمدينة تعز في بند الحقوق، أين وصلتم بها اليوم، هل تساءلتم لم فيها محضرون، من يقف وراء هذا الانتهاك المنظم للطفولة في تعز..؟ نعم أنتم تخرجون بمظاهرات وتقومون بوقفات احتجاجية حين تأتيكم أوامر من الفندم أو الشيخ، حين يشعر أن خطراً يهدد مصالحه لا مصالحكم، ولكنكم لم تفكروا أن تثيروا قضية طفلتكم وتتساءلون بأي ذنب قتلت؟؟ إن كانت اغتصبت لأن حيوانات بشرية مشوهة التفكير والقيم والأخلاقيات، لم تر في طفلة لا تتجاوز السبع أو الثمان السنوات سوى فرصة لإشباع رغبة دنيئة، فلماذا تقتل خنقاً؟؟ ماحدث ليس انتهاكاً لمرام وأبيها فقط إنه انتهاك لحق كل طفلة في مدينتكم ترغب أن تعيش وتلعب وتلهو وتنادي رجلاً في عمر أبيها ياعم وهي آمنة.. فقط لا تتلبسوا قبحاً لا يليق بكم، ولا تكونوا مجرد أداة نتنة في عالم السياسة وتنسوا او تتناسوا أن تعز بنيت بالقيم وصنعت تاريخها بالأخلاق والعلم.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك