نسبة تراجع الموقف الروسي عن الدعم للنظام السوري،والتصريحات الرسمية التي طرأت مؤخراً،مرحلة جديدة لمشهد قادم يدعونا للاستخفاف بالعقلية السياسية،اتضح بها أنه لايوجد(الكبير كبير)، فما يدور خارج حدود أبصارنا وأسماعنا سقوط للفيتو السياسي الدولي مثله كمثل سقوط الفيتو الإنساني. كل الأطراف السياسية اللاعبة في الملعب السياسي تنفذ طريقة(اضرب الوطاف يفهم الحمار)،وتعدد الحمير أفقدنا الحمار الضائع حتى ينتهي المشهد السياسي الهزلي البارز على جماجم الإنسانية،وعلى ماتبقى من أطلال الكرامة العربية بسقوط آخر قلاعها. لم يخسر أحد مما هو حاصل أكثر مما خسرته سوريا كدولة تاريخية تكامل عندها التاريخ الإسلامي والحاضر العربي الوحدوي،ولم يفقد كائن كرامته أكثر مما فقد الإنسان السوري بكل أطيافه كرامته وإنسانيته،فلم تعد سوريا الشام، ولم يعد للإنسان إنسانيته ،ولم يعد الياسمين ياسمينا حين اختلط ببارود المؤامرة وعفونة السياسة.إن هناك شعوراً عميقاً بالتخوف من المستقبل القادم الواقع على الحاضر المتأزم،والهيمنة الغربية وأدواتها في رسم الحال العربي واستقراره، وخاصة في غياب مرحعية عربية عربية. إعطاء القرارات وخطوات سير الأحداث والمناورات السياسية من اللاعبين السياسين غيب الدور الحقيقي لأصحاب الحق والفاعلين لمبادئ التغيير أو البقاء بما هو الحال عليه. من نقطة الإصلاحات السياسية إلى إسقاط النظام،والحلقات المكونة والمترابطة(الدولة والشعب) انفرط عراها،ليس بفعل التباعد الداخلي،بل إن الجميع كان مهيأً لتصعيد موجة الحدث أججه إشعال عود ثقاب في جسد مدهون بكيروسين الفرقة،ونسيان مكانة سوريا الشام في خارطة الكرامة العربية والأمة بتاريخ المكان والزمان. رُميت سوريا بسهام متعددة الرؤوس،منزوعة من كنانة واحدة(إسقاط سوريا)،(كل الأطراف)مختلفو بالطريقة التي يسقطون بها سوريا آخر قلاع العروبة، ومتفقون على إسقاطها.ليست إيران والمتأرينون أحرص على العربي من العربي،فقد أوغلت بمبضعها في كياننا العربي، وليست دول الجوار ومن في صفهم أرأف على إهراق الدم فيها،ولم يكن وقوف روسيا بجانب النظام السوري من قبل الحفاظ على كيان دولة،بقدر ما يمتد ببعد سياسي واقتصادي.(روسيا) التي تراجعت مؤخراً بنسبة لافتة في موقفها،حتى إعلامياً بالتصريحات الرسمية وكأنما أدركت حجم الصفقة التي سيفوتها أو سيفوت عليها بموقفها المضاد، والموقف الإيراني الداعم للنظام لا للدولة،للطائفية لا للإنسانية،للتوجه لا للحقيقة،تدرك إيران جيداً أن سقوط النظام هو سقوط منفذها وبوابة الشرق لتصدير منتجاتها (الآيات والولاية وإمامة الفقيه)،ليس حباً في سوريا وتاريخ سوريا التي تعرف تماما أن منها انطلق فتح إصفهان وما وراء إصفهان،وذلك ما يؤكد الصمود المدخن، وليس وقوفها إلا لضرب الوطاف ليفهم حمارها المضاد وفق رؤيتها الطائفية. وبالمقابل الطرف الآخر لم يبذل جهده الإعلامي والدعم العسكري والمادي لوقف نزيف الدم العربي السوري أو الحفاظ على الكيان العربي، وإنما للحفاظ على رؤيته ومكانته وإخراج تراكمات الخلافات السوداوية القاتمة لتطفو على السطح،واستخدام الثوران الشعبي آداة لتصفية الحسابات السياسية والدينية وتحقيق مآربهم ومآرب (أمريكا وإسرائيل )من خلفهم. أوشكت سوريا الشام أن تحمل عنواناً لمرحلة جديدة تحمل لوناً قاتماً، أو كحمل وديع تنهش فيه وحوش متعددة من وجهات مختلفة. كما أننا نجد الخطاب ل(حزب الله)و (إسرائيل) يختلف لغوياً ويتفق في الاستهداف،فحزب الله وإسرائيل طرفان في انتهاك سوريا وسيادتها وعروبتها. متباعدان في محدودية الرؤية ومتقاربان في رؤيتهما لإنهاء آخر القلاع العربية. إن زوال دولة تحمل مدلولاً تاريخياً عربياً وإسلامياً،وأرضاً حوت كل أطياف البشر محمول على أعناق النظام والشعب ذي النخبة السياسية في المقام الأول،( وماينفع ندم الكسعي) بعد أن تذهب سوريا إلى غير أهلها. كم في نفوسنا من ألم عميق أن تسقط آخر قلاع العروبة. رابط المقال على الفيس بوك