شهد المجتمع اليمني خلال الأيام القليلة الماضية عدة حالات اغتصاب وتحرش بأطفال لم يتجاوزوا السادسة من العمر، فيما تنقل وسائل الإعلام والصحافة اليمنية عدداً من هذه الحالات التي توصف «بالوحشية» في اغتصاب الأطفال، والتي تعرضت حالات من هذه الأنواع تم رصدها عن حالات الاغتصاب تصدرت في مجتمعنا اليمني كثيراً من حالات الاعتداء الجنسي ضد الأطفال الأبرياء والنساء، وهو الأمر الذي يستوجب البحث في أسباب ودوافع ونتائج وطرق العلاج لهذه الظاهرة الخطيرة المتنامية. ما أحوجنا اليوم إلى عوامل الأمن والأمان والاستقرار! وما أحوجنا أيضاً إلى الوعي لأن نعالج كل قضايانا واختلافاتنا وأن نستبعد منها مرض الجمرة الخبيثة الذي قد يستبيح القتل وفعل المحرمات. أقول ذلك بعد أن تفشت - في ظل انعدم الأمن والأمان والاستقرار - ظواهر كثيرة، ولعل أهم هذه الظواهر - والتي تعتبر القضية الأكثر خطورة - ظاهرة الاغتصاب التي تواجه الأطفال في حياتنا، والناجمة عن تدني وتدهور أخلاقي للمنحرفين من هذه النوعية الخطيرة على حياة مجتمعنا اليمني، وتحت مسمى ذئب أو ذئاب بشرية تنهش الأعراض وتتجرد من دينها وعاداتها وتقاليدها، القضية بحد ذاتها جريئة في الطرح، وتحتاج إلى جراءة في النقاش، ولكن من الضروري جداً أن نوجهها بحزم وإنسانية؛ لأن قضية الاغتصاب من القضايا الحساسة، فليس عيباً علينا بأن نتناول هذه القضايا كأشخاص مثقفين، وبأن نطرح وجهات نظرنا حولها وبكل صراحة وبشكل محترم ومهذب لنصل بشأنها في نهاية المطاف إلى استئصال هذه الظاهرة الخطيرة، فما أحوجنا اليوم إلى تحقيق ثورة ضد الاغتصاب، وإلزام المختصين بأن يقيموا الحد الرادع وبالقوانين الصارمة لكل مرتكبي تلك الظاهرة الحقيرة. وإننا كبشر حين نسمع كلمة اغتصاب فإنها تثير بداخلنا ثورة ظلم وقهر في قلوبنا وأفكارنا وعقولنا، نعم نقولها بقوة بأن هذه الكلمة السوداء المشئومة تشعرنا أيضاً بالقهر حين نسمع أن طفلاً أو طفلة قد تم اغتصابه، وقد نتفاجأ بما تظهر من أخبار عن حوادث الاغتصاب في بلادنا المسلمة. إن هذه العادة السيئة على حياة اليمنيين يجب علينا أن نثور ضدها ونقف صفاً واحداً ضد هذه الظاهرة والآفة الخطيرة؛ لكي نحاربها ونعالجها حتى نقضي عليها إلى الأبد. إن ظاهرة الاغتصاب بصفة عامة هي اعتداء جنسي على شخص بالقوة وبدون إرادة، وانتهاك لثقته بنفسه ولجسده، إنها نوع من أنواع العنف، إنه ظلم وما أقساه من ظلم، كم هو مؤلم بحدوث اغتصاب لطفل وطفلة هم ضحايا أبرياء ممن لا حول لهم ولا قوة، إنها أشد القسوة التي تستخدم للتغلب على الفريسة، وقد تأتي من خلال وقوعهم تحت التهديد أو من العنف الجسدي حين يقعا ضحايا اغتصاب فريسة الوحوش من الذين لا يخافون الله ولا يرعون حرمته ولا يهابون أحكام الدين، والأشد إيلاماً أننا لا نجد قانوناً رادعاً جازماً يفرض هيبته تجاه الجناة. فهناك أكثر من 50 % من حوادث الاغتصاب للأطفال والنساء في بلادنا غالباً لا يتم الإبلاغ عنها، أما بعض الحالات الأخرى التي يكتشف أمرها ويتم الإبلاغ عنها فإن نسبتها ضئيلة جداً؛ لأن بعض هؤلاء الضحايا يعرفون الجاني معرفة شخصية. حين نناقش قضية مثل قضايا الاغتصاب فإنها كما تبدو للأغلبية نوعاً ما مخجلة؛ لكنني لن أتردد في طرح مناقشتها؛ لأنني أشعر بمعاناة الآخرين وألتمس أحزانهم، فهل فكرنا بهذه الظاهرة، وحاولنا إيجاد علاج لها؟ وقد يعلم بعضنا بأن الاغتصاب جريمة بحد ذاتها، ولها عواقب ومعناها اغتصاب الشرف أو اغتصاب حق أو مال، كما أود مناقشة ظاهرة اغتصاب الشرف رغماً عن الإرادة، وخاصة من فئات ضحايا الأطفال. هذه القضايا تعد ظواهر خطيرة من نوعها على حياة المجتمع اليمني ومختلفة بل هي عدة قضايا في قضية واحدة تقف وراءها عدة أسباب دينية واجتماعية، ولكن المجتمع اليمني والعربي ينظر إلى الفتاة بأنها هي المدانة دائماً، وينظر إليها بالنظرة الدونية؛ حيث كان بعصر الجاهلية توأد الفتاة وهي حية وتموت مباشرةً بينما في مجتمعاتنا المعاصرة توأد نفسية الفتاة وإنسانيتها وهي لاتزال على قيد الحياة بدون ذنب حكم عليها بالموت ألف مرة وهي حية ترزق، بينما المغتصب قد لاذ بالفرار يمارس حياته بشكل طبيعي، بينما ظلم تلك الفتاة ودمر حياتها وحطم مستقبلها وأبكى أهلها بدل الدمع دماً. الشاهد في الأمر بات يذكرني في المسلسلات التركية التي ناقشت قضايا الاغتصاب، وكان من المفترض أن يتعظ الأفراد منها، ويرى كيف كانت نهاية المغتصبين، لكن على ما يبدو بأن ذوي العقول المنحرفة صارت تترجم ما يعرض على القنوات الفضائية من المسلسلات إلى واقع أليم وتترجم ثقافة تقليد مبتذلة حتى في الانحطاط الأخلاقي والديني. فما ذنب تلك الفتاة القاصرة في العمر، والتي تبلغ 13 عاماً وتم اغتصابها بحي عصر من قبل سبعة أشخاص حتى توفت من قوة الاعتداء والتحرش، حيث إن جسدها ليس مهيئاً لممارسة عملية حقيرة كهذه التي فقدت حياتها وهي لم تبدأها بعد؟!! وتلك الفتاة القاصرة في محافظة تعز، لم يردعهم الوازع الديني، ولم يحترموا العادات والتقاليد، خلفوا وراءها أسرة لم ترث إلا الحزن والأسى والحسرة؟ فكم من مشاعر وأحاسيس مخنوقة على تلك الأسر المغلوبة على أمرها، وقلوبهم بداخلها ألم ينزف وقلب جريح من تلك الوحوش التي لم تعرف قلوبهم الرحمة والرأفة ولا حتى الوازع الديني، إننا بحاجة اليوم حقاً إلى ثورة ضد الاغتصاب، وأن يتم معالجة هذه الآفة الخطيرة على حياة مجتمعنا اليمني. ختاماً.. عندما يضيع الشرف فلا قيمة للإنسان، وعندما يفقد الإنسان شرفه من السهل أن يفقد كرامته ومكانته في المجتمع ويصبح بلا كيان ويضيع، وعندما يضيع الإنسان تنهار الأمة، أليس ذلك صحيحاً...؟! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك