الحصبة : ألم صنعاء حاضرة اليمن وتاريخ لا يمل ، الجرح النازف لأزمة لم تلح معالم انفراجها ، بيوت ، شوارع تغيرت ملامحها.. الحصبة : بشر ليسوا كالبشر ،غرباء في وطنهم ، تحولت الحصبة إلي ميتم كبير وحكايات ستظل تروى وتروى.. كل بيت فيها له مع الحرب حكاية ، حاول أهلها لملمة جراحهم ، واستعادة أنفاسهم ،فبعد أن انتهت الأزمة التي طحنت البلاد والعباد ، عاد سكان الحصبة إلى بيوتهم ،إلى سكنهم ومرتع طفولتهم، حاولوا العودة إلى الإحساس بالأمان .. ولكنهم عادوا غرباء ،عادوا إلى جزء من الوطن إلى أرض أحسوا أنها بعيدة عن باقي أجزائه ، فالبيوت تهدمت وأخرى تضررت وجميعها نهبت وسرقت حتى خيوط الكهرباء لم تسلم.. لملموا جراحهم وعادوا ، سدوا نوافذ بيوتهم ببقايا فراشهم ، رقعوا ما حفرته الصواريخ والشظايا بأخشاب وألواح ، فقد مرت حرب الحصبة وحصدت كل شيء أرواحاً وأموالاً وذكريات. استبشر أهلها خيراً بتشكيل اللجان لحصر أضرارهم فقد أصبحوا يعيشون في بيوت تشبه الصفيح ، وأصبحت اللجان تمر عليهم ليل نهار، لجنة من أمانة صنعاء ، وأخرى من منظمات ، حتى شيخها نظم لجنة ، واستبشر الجميع بهذه اللجان وفتحت لهم الأبواب والصدور، فقد دمرت حرب الحصبة كل شيء ، وتحولت الحصبة إلى مأساة ، وأصبح الأمل يداعب ساكنيها لمن ينقذهم من جديد ويحس بآلام ما دمرته الحرب فيهم. ومرت الأيام تلتها الشهور والسنون ، والحصبة هي الحصبة تركت آلامها على حالها تنخر في النفوس ألماً من إهمال حكومة من المفترض أنها تراعي حقوق جميع أبنائها ، وظل سكان الحصبة يدورون في عجلة العيش والحفاظ على ما تبقى لحياة أطفالهم وأسرهم. أما اللجان فتبخرت ، ونتائجها غيبها الزمن ، وعاد المواطن الذي يسكن الحصبة إلى عزلة عن باقي مناطق وطنه . وبدأت تباشير امتداد الدولة إلى الحصبة ، وتأمل الجميع خيراً ، وأصبحنا نشاهد رجل مرور ، عامل نظافة ، وعادت فرحتنا من جديد ، ولكن هيهات. انتظر الجميع إصلاح ما تضرر من بيوتهم ، انتظر الجميع إصلاح شبكات المياه وإصلاح شبكات الكهرباء في البيوت ، كل الذي أصلحته حكومتنا هي فواتير بدأت ترسل إلى البيوت ، وكأن القائمين على الوطن أرادوا أن يغرسوا آخر سكين في قلوب أهالي الحصبة ، ويشكروهم لعودتهم لإنعاش هذا الجزء من المدينة الذي مات لسنتين بزيادة معاناتهم . كنت أمر من حارتنا وشدني تجمعاً لمجموعة من نساء حارتنا ، وتوقعت أن يكون التجمع بعد توزيع فواتير البارحة، فقد استاء الجميع لها ،اقتربت منهن ، بادرتني جارتي الحنون: صباح الخير أستاذة.. تصوري فاتورة مياه بمتأخرات لمدة ستة أشهر وأنا كما تعرفين لم أعد إلى بيتي إلا من شهرين !!وعاجلتني الأخرى : وأنا أيضاً بنفس المبلغ رغم أني أنقل الماء من الجامع لأن شبكة الماء في البيت تضررت من الشظايا ! ردت الثالثة :ألا ينظرون إلى بيوتنا !! وكيف تضررت ،أليس لنا حق في أن يصلحوا ما جنته الحرب علينا من أرواح حصدتها ومن بيوت تهدمت وسرقت !! أين اللجان التي قيمت الأضرار !! يصلحوا ما دمرت الحرب ومن ثم يطالبوننا بواجبات المواطنة !! هي رسالة أوجهها إلى حكومتنا، هناك منطقة اسمها الحصبة ، دمرتها حرب الحصبة الشهيرة ،دمرت معها بيوت وأرواح ومستقبل أسر ، تشرد أهلها ونهبت بيوتهم المدمرة . أهل الحصبة يناشدونكم فرقعاتكم الإعلامية وصولاتكم وجولاتكم جعجعة بلا طحين ، يكفي التغني بجراحنا ، وطن لا يحترم حقنا في العيش ، ولا يحافظ على كرامتنا بالله عليكم كيف يكون وطناً !! أعطونا حق المواطنة ثم ابحثوا منا عن واجبات، ودمتم. [email protected]