«أصحاب الضمائر المتيقظة يرون واجبهم ولو كان عبر أكثر الطرق إيلاماً». جورج إليوت هل أزمة الأخلاق هي التي صنعت كل أزماتنا؟ أزمة الأخلاق وليدة تقاعد الضمير في حياتنا وكل تعاملاتنا،فالضمير النابع من ذواتنا يدفعنا إلى إحياء ضمائرنا ، إلى حب ضمير الوطن وحشد كل قدرات البناء، وأسوأ الضمائر تلك التي تلبست بخيانة الوطن وتجزئته، وإعطاء خيراته لمن لا يملكه ويستحقه والتفريط بسيادته وهدم مؤسساته، وإيصاله إلى مشارف الشيخوخة، وإيصال الإنسان إلى موات حقيقي أخلاقي وذاتي. ما يناقض الضمير الحي_الرؤية بعين قاصرة ترسم أبعاد الصورة للوطن بشكل محدود ومشوه، ولايتم الحفاظ على بقاء الأوطان إلا ببنائها وحمايتها، وبناؤها يقوم على أبنائها،وشعور الجميع بحس المسؤولية نابع من الضمير الحي والمتيقظ الذي يرى واجبه لزاماً عليه فوق كل المصالح الذاتية ورغباته الأنانية،اجتهادنا في هذا الشعور هو ما يعرض الوطن بأبهى صورة. وعندما يتقاعد الضمير تبدأ الحالة السياسية بالتفكك والتباعد،وتغيب دولة العدل والقانون، تجف عقول الاقتصاديين ورجال المال والأعمال،فينشأ نظام الطبقات وتزداد نسبة الفقر،وترتفع نسبة البطالة،يستفحل الجهل ويضمحل العلم وتُقتل الأمة،وتتباهى الأمراض ويمرض الطب. عندما يتقاعد الضمير ينقلب الدين من العلم إلى الرهبنة ومن السعة إلى الضيق، ومن الفكر إلى الكفر،فتتسارع الجريمة وتتفلت من بين أيدينا كل القيم، تخون المرأة مملكتها وتخسر مدرستها، يلبسنا الخوف والجبن وتتوارى كلمة الحق،وينهار الإنسان وسلامة عقله وجسده، تتصاعد أزمة الأخلاق في الفرد والأسرة والمجتمع، في الحارة والشارع والمدينة والدولة. عندما يتقاعد الضمير يخون كلاً من السياسي والاقتصادي والعسكري والتاجر والطبيب والمعلم والمهندس والموظف والمرأة والفلاح والبائع و......، وإذا انعدمت المبادئ وتوارت القيم،والمجتمع أحوج إليها في مواقف الحياة فأجزم بأن خللاً ما في ضمير الإنسان، فعندما يتقاعد الضمير تتقاعد القيم وتختفي الأذواق حتى في أصغر المواقف الحياتية. إن حقيقة الوجود تملي علينا يقظة ضمائرنا فقد قال المثل (من يضحي بضميره من أجل أحلامه كمن يحرق صورة جميلة من أجل الرماد). رابط المقال على الفيس بوك