تقدير الوضع الراهن لا يحتاج إلى عناد؛ لأن المشهد السياسي يقدم صورة واضحة يبني عليها تقدير الوضع، ولكن ما الذي يحتاجه صناع القرار خلال مرحلة الحوار الوطني؟ يحتاجوا إلى إعداد البدائل المتعددة التي تمكن المتحاورين من دراستها والتنبؤ بالآثار الإيجابية والسلبية وتعمل على التحديد الدقيق في إبراز البدائل الأكثر قرباً للمعالجة والأكثر جودة وقدرة على تلبية الآمال والتطلعات، وعلى الذين يدرسون البدائل المتاحة لكي يكونوا عند مستوى أمانة المسؤولية الوطنية والدينية والإنسانية أن يتجردوا من كل المؤثرات الفئوية والمناطقية والقروية والمذهبية والحزبية؛ لأن ذلك يجعلهم أكثر قدرة على اختيار الأفضل والأكثر قدرة على تحقيق الوئام والانسجام، والأكثر ضمانة لحماية أجيال اليمن القادمة. إن الحوار يحتاج إلى التحديد الدقيق لما هو ضروري ولازم، وأعتقد أن ذلك قد تم من خلال الإعداد والتهيئة للحوار، وهنا يأتي دور المتحاورين الذين ينبغي أن يتجردوا من كل المؤشرات كما أشرت أعلاه، وينبغي كذلك أن يكون لديهم القدرة على الطرح الموضوعي والعلمي الذي يحقق الصالح العام ويعزز الوحدة الوطنية ويصون سيادة الدستور والقانون ويدفع باتجاه تجميع عناصر قوة بناء الدولة اليمنية الحديثة، ويضمن حماية الأجيال من الوقوع في الأخطاء التي تعيق بناء الدولة اليمنية القوية والقادرة التي تحمي كيانها بين الأمم وتمنع الانقسام والتشظي، بل تضيف وتعزز بناء الدولة اليمنية. إن إعداد البدائل التي تأتي بعد الحوار الوطني الجاد والمضني يحتاج إلى أن المتحاورين يتمتعون بملكات القدرة على التنبؤ بما سيحدثه هذا البديل أو ذاك من الجوانب السلبية والجوانب الإيجابية، ثم يكون لديهم القدرة على وضع المعالجات التي تحد من السلبيات وتعزز الإيجابيات، وهذا يحتاج إلى الصبر والاستماع للآراء المختلفة والإنصات بشكل موضوعي لكل المتحاورين، وطلب التوضيح في حالة الغموض في الطرح لنصل إلى الوضوح الذي لا يقبل التفسير المتعدد، بل وينبغي إلزام المتحاورين بالتوضيح اللازم لطرح الأفكار بالصورة الجلية كاملة الجلاء. إن الحوار الصريح والشفاف لا يقبل الغموض في الطرح ولا يقبل العبارات المطاطة، وإنما ينبغي أن يكون الطرح للأفكار والآراء بروح المسؤولية الوطنية والدينية والإنسانية التي لا تقبل التفسيرات المختلفة؛ لأن الهدف هو إعادة بناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة على حماية الأجيال بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك