قبل سنوات قرأت للشاعر السارد والقارئ المطبوع مروان الغفوري رواية بعنوان “كود بلو” أو الشفرة الزرقاء باللغة العربية، وكان منطلق الرواية علم الطب الإكلينيكي الذي طالما تجشَّم مشقَّة تعريف الموت، وكانت تلك الشفرة الزرقاء دالة الأطباء في معرفة الموتى لا تعريف الموت، ومنذ تلك القراءة التي مر عليها سنوات، مازلت أتذكر الزمن الروائي الدائري الذي مكَّن السارد العليم من تدوير أحداث الرواية في رابعةٍ من نهار طويل، وأذكر أيضاً أنني تناولت طرفاً من الرواية، وخاصة ما يتعلق بالزمن الروائي الرشيق، والتداعيات الحرة للأحداث، وما يجري في أروقة المستشفيات من شواهد ومشاهد تدخل في باب “معقول اللا معقول”.. حيث يتم استعادة الحياة بصورتها الأبيقورية، حتى مع الموتى الذين غادروا وجودنا لمكان آخر، وبهذه المناسبة أتذكر ما قاله لي أحد الأعزاء الذي زار ثلاجة الموتى في أحد المستشفيات، ،لمُعاينة جثة قتيل، بوصفه قريباً له، وكانت الصاعقة عندما وجد القائم على ثلاجة الموتى وهو يتناول إفطاره داخل ثلاجة حفظ الجثث، بل إنه كان يحتفظ بالمشروبات الباردة بجوار جثث الموتى، وعندما تحدث إليه الزائر المصعوق بالمشهد معبراً عن استغرابه المقرون بالحيرة إزاء هذا السلوك، فتح له أمين الثلاجة حديثاً مطولاً حول مراتب الموتى، وتعامله الحميم مع بعض موتاه قياساً بآخرين، ومعنى الزمن الذي يقضيه كل واحد منهم في الثلاجة، وكيفية الفصل الإجرائي بين الموتى الميسورين والموتى الفقراء، وذلك عطفاً على الهبات والهدايا التي ينالها القائم على الثلاجة عند مراسم تسليم الجثث. ولتأكيد التعامل الخاص مع الشاب المقتول أشار القائم على الثلاجة إلى الرف المُميَّز الذي يتموضع فيه، وكأنه يطالب صاحبنا بدفع المعلوم، مقابل العناية الخاصة بقريبه الميت!، وللحديث صلة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك