الموت الماركيزي المعلن في “ قصة موت معلن”، يتاخم موتاً بواحاً يقول به السارد مروان الغفوري في روايته السابقة« كود بلو»، ويسافر به ومعه إلى المواقع الأرضية المتخصصة في التعاطي مع الموت.. المستشفى الذي ألهم يوماً ما «أنطون تشيخوف» ليكتب رائعته «عنبر رقم 6»، وليحاكم فيها الجنون الكبير الذي يوحِّد بين نزيل مستشفى الأمراض النفسية، وطبيبه الذي يستحيل مجنوناً ليشرب من ذات الكأس التي كان مزاجُها علقماً مراً، وربما مُتعةً لا يعرفها الاعتياديون!. يعتمد الغفوري بنية سردية دائرية تدور أحداثها الأساس بين موقعين مكانيين تجمعهما وحدة “المونولوج – الديالوج”، باعتبار أن الميت جزء من ذاكرة الجماعة، تماماً كما كان (كانكان العوام الذي مات مرتين) لجورجي أمادو، حاضراً في ذاكرة أصحابه. يلتقي السارد بأصحابه في مقاهي القاهرة، ويعتمد في سرده على الأنا المُفعمة بتوصيف واستنطاق واحة الموت العلنية للمستشفى، وخلال ليلة من التجوال السردي المفخخ بالتداعيات والاستدعاءات النصِّية، والتقاطعات المعنوية، والإشارات الدلالية، نقف على رشاقة أسلوبية تنساب في إطار التجاور الحميم بين الوصف وتمرير أسئلة جوهرية. مع قدر واضح من الاستعادات الوامضة «فلاش باك» لذاكرة القرية الموصولة بالتعليم الديني وميثولوجيا الأجداد، يتمكَّن السارد من الإبقاء على تماسك خيط السرد الأساسي، بالرغم من لزوجة الزمن وانصياعه لزمكانية مُحاصَرة، فنطوف معه في أضابير المستشفى الذي يؤشر لخلاصة المعاني الكبرى لميتافيزيقا الكون. هنالك حيث نقف على أكثر أنواع الانتهاكات فظاظة وعجائبية، ونلامس حالة التماهي الرواقي بين الطبيب والجثة الباردة. وتلك حالة من الحالات التي تتمدَّد لتطال الأحياء أيضاً، وبتراضٍ كاشف عن أخلاقيات المشاعة الأولى، حيث لكل ذكر حسب مزاجه، ولكل أُنثى حسب استمتاعها المعجون بطمأنينة المستشفى المُحاصر بالخفاء والأسرار المُشرْعنة بقوة العادة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك