هكذا سنة الحياة ، وفي بلادنا بالذات أصبحت تقليداً لايمكن إنكاره أو عدم التفكير في ممارسته ، فهناك دائماً أطراف ،طرف يضحي يعطي ، يتألم ، يصبر ، يعاني ، وبعد كل شيء ، يأتي آخر لا ناقة له ولا جمل ، ولايعرف مافعل الطرف الأول اصلاً ليأخذ كل شيء جاهز ، بدون أدنى تعب لفهم ماحصل ، أو حتى التفكير بما قدم ذلك الطرف الذي أقُصي بعد ذلك وكأن شيئاً لم يكن . وهذا ماحصل ..فمن يرى أولئك البشر يتساءل : أهذا ابتلاء أم هم من القوا بأنفسهم للتهلكة ؟ وهم يفترشون الآن الوجع ويلتحفون القهر والمرض مع أنهم من قدموا كل شيء وأول شيء قدموه هو أجسادهم وأرواحهم ليأتي بعد ذلك غيرهم ليأخذ كل شيء جاهز بدون حتى وخزة إبرة وليعتلوا الكراسي ويوظفوا اهاليهم وأصدقاءهم وهم ليذهبوا إلى الجحيم ، الألم والمرض والعجز والفقر والحاجة . هذا المشهد يمكن لأي قارئ أن يشاهده حقيقة هناك، أعني على باب رئاسة الوزراء ،حيث جرحى الحرب ،جرحى الثورة ليرى المرء ماذا يرى ؟ بقايا بشر ، استغلوا كما تستغل الدمى للعب والتسلية ثم خرجوا من اللعبة ليأتي من لعبوا بهم وحركوهم هنا وهناك وليلقوا بهم في مزبلة الحياة ،غير آبهين بأن هؤلاء بشر وبشر من نوع مختلف ، ذنبهم الوحيد انهم لن يفهموا سر اللعبة . وهم من وقفوا ذات يوم يهللون ويكبرون لأجل الوطن وفي داخلهم بركان من الوجع اسمه الوطن ، ظناً منهم أن من كانوا يلقنونهم هذه الدروس يعرفون أصلاً ماذا يعني الوطن ، ماذا تعني التضحية وماذا يعني أن يموت أحد ليحيا أحد آخر ، وهم من كانوا يدفعونهم للساحات وهم يخزنون في مجالسهم تتناثر كلماتهم ، وتشتد نبرات أصواتهم ، وتنتفخ أوداجهم وهم يهتفون ويهتفون ، وأولئك الذين يفترشون الأرض ويتمثلون الأدوار بمنتهى الصدق ، لايهم جرحوا ... ماتوا .... نزفوا ... المهم في الأخير لكي يفوز أحد ، لابد أن يخسر أحد بالمقابل . وللأسف أن جراحهم بليغة ، وتكاليف العلاج باهظة جداً ، هذا فضلاً عن أن هناك تسييساً حتى في الجراح والألم فمن هو من الحزب الفلاني لاشأن لهم بجراحه بخلاف من هم من الحزب العلاني ، فحتى الشظية لها ثمن وقيمة وكأنهم ليسوا من البشر في شيء ، وليسوا ضحايا ، وليسوا جرحى . أين أهل اليمن ( الأرق قلوباً والألين أفئدة ) .. ؟! أين هم....؟! رابط المقال على الفيس بوك