تعرض الإصلاح لحملات إعلامية تشهيرية واسعة من بداية الثورة وحتى اللحظة من أطراف مختلفة ولأسباب متفاوتة، وتصاعدت الحملات في الأيام الأخيرة بعد أحداث عدن وحضرموت، وانخرط فيها بعض شركائه وبعض المحسوبين عليه، وأفضت الحملات الإعلامية إلى تبرير العنف الذي تعرض له أعضاء الإصلاح وإحراق ونهب مقراته، وتوهم البعض أن مجاملة هذه الجرائم الفاشية وإشعال الفتنة بين فرقاء الجنوب وتحميل المسؤولية لطرف دون الآخر يخدم القضية الجنوبية. ولست هنا في سياق الدفاع عن الإصلاح مع تأكيدي أن من آفات الحملات التحريضية المتحاملة أنها تقتل الروح النقدية الذاتية، فلا يستطيع المنتمي سياسياً ممارسة أي نقد علني لحزبه أثناء تعرضه لحملة ردح وتشهير وتحريض وأعمال عنف وتوجه عام لإدانتك بسبب حرصك على ممارسة حقك واعتبار ممارسة حقك يكفي لتبرير اعتداء الطرف الآخر عليك. وأظن أنه حان الوقت لتوقف اجترار هذه المواقف العاطفية غير الإنسانية تجاه ما حدث في عدن وحضرموت والتفكير بمعالجة جدية لا تقوم على أساس تحميل المسؤولية لطرف دون آخر، ولم يعد من المنطقي الحديث عن تحميل الإصلاح في الجنوب أو الحراك مسؤولية ما حدث، والمطلوب على وجه السرعة الإصلاح بين الطرفين، وأن يدرك الطرفان أنه ليس في مقدور أحدهما أن يقذف الآخر في البحر، وأن مصلحة القضية الجنوبية في احتواء الفتنة المتصاعدة في الجنوب وتقبل كل طرف للآخر وإلجام جميع الأصوات التي تصب الزيت على النار.ولا أظن أن الإصلاح والاشتراكي كحزبين يتحملان مسؤولية ما حدث لمجرد احتساب المحافظ ومدير الأمن عليهما، مع تأكيدي على أهمية التحقيقات الشفافة في التجاوزات الأمنية. لنعترف أن إصرار طرف جنوبي على ممارسة حرياته كان فيه نوع من التحدي، وأن إصرار الطرف الجنوبي الآخر على حرمان أخيه من ممارسة حقه حماقة كبيرة، وأن إفراط السلطات الرسمية في استخدام القوة ساهم في تصعيد التوتر بينهما، وأنه لابد من التحقيق في جميع الأخطاء وتحميل جميع الأطراف مسؤولياتهما وفقاً للقانون، وفيما عدا ذلك أرجو أن يتقبل الزملاء الذين تورطوا في تبرير جرائم العنف باعتبارها ردات فعل طبيعية، مراجعة مواقفهم فهذا المنطق يقدم تبريراً غير قصدي لإسراف قوات الأمن في استخدام العنف؛ لكونها تقوم بحماية حريات من يريد أن يمارس حرياته وتمنع التعدي وتتعرض لإطلاق نار، والكارثة أننا نساهم في قتل الجوهر الإنساني لأية قضية عادلة في طريقة التضامن معها أحياناً، فقضية الحق المعتدى عليه قضية ينبغي التضامن مع أصحابها دون التورط في تبرير اعتداء أصحاب الحق على حقوق وحريات غيرهم. شخصياً أرفض منطق الإكراه في فرض الدين أو الوحدة ولكن التبرير لممارسة الإكراه لفرض الانفصال بالقوة تبرير ضمني لممارسة القوة في فرض الوحدة بالقوة، مع فارق جوهري يتمثل في حق السلطات الرسمية في استخدام أدوات الإكراه لفرض القانون الذي يمثل إرادة المجتمع. رابط المقال على الفيس بوك