لم تتخذ السلطات الروسية موقفاً حازماً ضد سياسة (الناتو) في ليبيا وشمال غرب أفريقيا، على الرغم من أهمية السوق في هذه المنطقة خاصة ليبيا العميل التقليدي للأسلحة السوفيتية والروسية، وهذا الموقف المتخاذل يدخل في إطار إعادة تقسيم مناطق النفوذ وعودة هذه المنطقة إلى أحضان الاستعمار الأوروبي القديم – الجديد، والمترجم في تدمير العتاد العسكري الليبي تدميراً شاملاً، وملاحقة ما تسرب منه إلى (مالي) و(النيجر) والذي بدأ في العمليات العسكرية المركزة في شمال (مالي)، ولم ينته إلا بعد احتلال مالي ومن بعد ذلك احتلال أرض (اليورانيوم) النيجر الدولة الأكثر فقراً في غرب أفريقيا. وأعتقد بأن الموقف الروسي المتخاذل وغير الحازم في شمال وغرب أفريقيا يقوم على قراءة موضوعية إلى خارطة الصراع الدولي المعاصر واهتمامه بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وكان يعرف أن الصراع العسكري سوف ينتقل أوتماتيكياً إلى سورياولبنان بسبب أطماع تركيا الذراع الرجعي للإمبريالية المعاصرة، وهي التي لعبت دوراً في إثارة التوترات والنزاعات في الاتحاد السوفيتي كذراع استخباراتي – ديني للمصالح الأمريكية. وفي سنة 1973م لم تنخرط الإدارة التركية في مؤامرة تدمير المعدات العسكرية والجيش السوريين وحصرت العملية بإدارة (الناتو) وإسرائيل والقيادة المصرية برئاسة أنور السادات، غير أن الزمن الحالي تغيرت فيه موازين القوة والقوى الدولية والإقليمية، واتضح من الحروب المتتالية في لبنان وغزة وتطور الترسانة العسكرية الإيرانية والعلاقات السياسية بين إيرانوسوريا وبعض الحركات السياسية ذات الطابع العسكري (حزب الله + حماس) تغيرت التحالفات والاصطفافات، وبرزت قوى سياسية عنيفة ارتبطت تاريخياً بالمال السياسي الصحراوي، وهذه التغييرات قادت إلى قرارات هامة وهي: 1 - تفجير الأعمال المسلحة على الأراضي السورية. 2 - إقدام الإدارة التركية وانخراطها في العمليات العسكرية وتسهيل مرور الأسلحة المتدفقة من دول الناتو، إضافة إلى فتح حدودها للعصابات الإرهابية. 3 - إراحة إسرائيل من مهاجمة سوريا والتفرغ لدراسة خيارات عسكرية وأمنية أخرى في المنطقة والإقليم. 4 - بيع الأسلحة إلى العصابات الإرهابية وبصورة علنية وتحت ذريعة توازن القوى بين هذه العصابات والطغمة الفاشية الحاكمة في دمشق. ولتدمير الترسانة العسكرية السورية بصورة مستعجلة وصلت إلى الأراضي السورية وإلى أيادي العصابات الإرهابية وعبر الممرات الحدودية المفتوحة والآمنة أسلحة متطورة من الأسلحة المضادة للدبابات وصواريخ محمولة لإسقاط الطائرات ومواد ناسفة للاستخدام الميداني ضد المنشآت الخرسانية، وبدأت العمل محولة الأراضي السورية إلى أنقاض والسكان إلى مشردين، ويلعب الإعلام الموجه أمريكياً وأوروبياً على التعتيم على الأوضاع الواقعية في الميدان وعلى الخسائر في الطرف الآخر، والنوافذ الإعلامية هي نوافذ دعائية أكثر مما هي مهنية، وهي تغطي على جرائم تدمير الإمكانات السورية التي شيدت على حساب سكان سوريا. وتدفق الأسلحة إلى سوريا من دول الناتو هي المرحلة الأولى في إطار المراحل التنفيذية لتدمير الترسانة العسكرية التي مازالت روسيا تضخ إليها مزيداً من المعدات بهدف حماية التوازن في المنطقة، وسوف يستمر هذا التدفق بعد تعذر تحقيق أي نصر للعصابات الإرهابية والطغمة الحاكمة على الأرض، بعد استعراض روسيا لقوتها في البحر الأبيض المتوسط بإجراء تمارين عسكرية لأول مرة، وبعد قرارها نقل ثلاثة من أساطيلها إلى بطن البحر الأبيض المتوسط، وسوف تغرق الأراضي السورية ليس فقط بالدماء بل بخردة الأسلحة وذخائرها التي ستحول الأرض إلى بيئة ملوثة. رابط المقال على الفيس بوك