أعترف أنني كلما حاولت فهم مايدور داخل الفكر السياسي لبعض الساسة اليمنيين وخصوصاً داخل أحزاب اللقاء المشترك سواء من خلال تحليل كتاباتهم أو من خلال مقابلاتهم التلفزيونية او اثناء الجلوس معهم والاستماع إلى آرائهم وجهاً لوجه أعترف أنني فشلت. فشلت في إستخلاص رؤية واضحه ومحدده لفكرهم حول مايدور داخل الساحة اليمنية من أحداث. وجدت تبايناً واضحاً في أفكارهم ورؤاهم السياسية حتى داخل الحزب الواحد بل داخل أعضاء لجنته المركزية . فقد يكون مفهوماً ذلك التباين داخل حزب المؤتمر الشعبي العام بسبب أن معظم اعضائه عباره عن خليط من جميع الألوان السياسية لكن الذي ليس مفهوماً وجود ذلك التباين داخل أحزاب اللقاء المشترك الذين يرتكزون في رؤاهم على نظريات واضحة المعالم والرؤى فما السبب إذا؟ سألت هذا السؤال كثيراً ممن قابلتهم من السياسيين فوجدت إجابات كثيرة كلها تدور حول ما أسميه سياسة ( الهِوان ) وأعني بها مخالفة بعض أعضاء الحزب الواحد لرؤية حزبه ويقف ضدها بسبب كرهه او حقده لحزب معين وللتوضيح أكثر أقول إنك قد تجد سياسياً مخضرماً بل وثورياً في حزب الإصلاح أو الإشتراكي أو الناصري مثلاً يقف بقوة مع الحوثيين وفكرهم أو مع الإنفصاليين ووجهة نظرهم أو حتى مع إيران ضد السعودية أو مع تركيا ضد أيران أو مع النظام السوري ضد شعبه ، وعندما سألت عن السبب في هذا الموقف الخارج عن فكر الحزب يقول إنها سياسة ( الهِوان ) ضد ذاك الحزب أو تلك الدولة، حقيقة أنا لا أفهم هذه المواقف وكيف دخلت في الفكر السياسي المعاصر في بلادنا الذي نعرفه جميعاً أن لكل حزب رؤية واضحة لكل الأحداث الجارية على الساحة العالمية والإقليمية والمحلية وقد يقول القائل : السياسة لايوجد فيها ثبات ، نعم، لكن ثبات من؟ ثبات الرؤية الكلية للحزب أم رؤية الأفراد والأعضاء؟ من حق كل حزب أن يغير برنامجه ورؤاه وأفكاره كما يريد، لكن في النهاية يجب أن يلتزم أعضاؤه جميعاً بهذه الرؤية التي يفترض أن تكون نتاج تصويت الأغلبية عليها، اعتقد أن هذا التباين في المواقف هو نتيجة لخلل ما في النظرية الفكرية لبعض الأحزاب، كما أعتقد أن هذا الخلل جاء نتيجة لعدم قيام تلك الأحزاب وبشجاعة بإعادة النظر في نظرياتهم الفكرية والسياسية بما يتلائم مع متطلبات العصر الحديث ، حيث لاتوجد نظرية بشرية صالحة لكل زمان ومكان وخلاصة القول إن سياسة الهوان هي سياسة تضر بصاحبها أكثر من ما تنفعه وقد تهوي به في مكان سحيق، إن هذه السياسة يجب أن لاتوجد في حالتنا اليمنية،لأنها أقرب إلى سياسة النفاق ، فاليمن اليوم لاتتحمل مزيداً من النفاق وتعدد الأوجه، لأن ذلك يضر بمصلحة اليمن العليا قبل أن يضر بحزب أو شخص أو دولة معينة.. إن مصلحة اليمن العليا اليوم تكمن في إتفاقنا جميعاً على أهداف واحدة أهمها : يمن واحد ، وشعب واحد ، وقيادة واحدة ، وجيش واحد ، وأمن واحد . علينا جميعاً اليوم أن نجمع على القول : لا للإنفصال لا للعودة للماضي ، لا لِكهنوت الإمامة المتخلفة ، لا للتدخل الخارجي بشئون اليمن من أي كان ، لا للجماعات المسلحة خارج نظام الجيش ، نعم لبناء الدولة اليمنية المدنية ، هذه هي مصلحة اليمن العليا التي يجب أن نعظ عليها بالنواجذ . رابط المقال على الفيس بوك