• ينطلق غداً ال (18) من مارس مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعقد عليه أبناء الشعب الكثير من الآمال للخروج بنتائج إيجابية تخدم حاضر اليمن ومستقبله، وأهمها بناء الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون والعدل والمساواة التي تتمتع بكافة مقومات وسبل العيش اللائق والحياة الكريمة للجميع، وهي الهدف والحلم المنشود لجميع أبناء هذا الوطن على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية والحزبية. • الحوار الوطني يمثل فرصة تاريخية يجب استغلالها جيداً من قبل الجميع لطي صفحة الخلافات والصراعات ودفنها إلى الأبد، وخلق علاقات تكاملية بين كافة القوى المجتمعية، قائمة على التفاهم والوفاق والتآلف في إطار شراكة واسعة بما يحقق مصلحة البلد وأبنائها، لذا يجب أن توجه كل الجهود والإمكانات من أجل التهيئة لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني والعمل على إنجاحه، وكان المفترض أن يكون الإعلام حجر الزاوية في تحقيق الاصطفاف الوطني وتهيئة الأجواء والمناخات المناسبة لانعقاد مؤتمر الحوار وبما يضمن نجاحه وخروجه بنتائج وقرارات هامة وضرورية تصب في مصلحة بناء الدولة الحديثة، الهدف الأساسي للتغيير في اليمن.. لكن للأسف لم يقم الإعلام بالدور المأمول منه في هذا الجانب. • كُنا قد سمعنا عن وثيقة للتهدئة الإعلامية بين أطراف الصراع من أجل التهيئة لانعقاد مؤتمر الحوار، لكن من يتابع وسائل الإعلام المحلية على اختلاف مسمياتها وأنوعها، سيجد أنها لا تزال تغرد خارج السرب، وكل يغني على ليلاه وبحسب هوى وأمزجة القائمين عليها ومموليها ومصالحهم، فلا تزال تؤجج الخلافات بين طرفي الصراع وتعمل على توسيع هوة الاختلافات، بدلاً من ردمها وتقريب وجهات النظر. • قد يبدو ظاهرياً وجود تهدئة إعلامية في بعض ما تتناوله وسائل الإعلام هنا أو هناك، إلا أن هذه التناولات لا تخلو بشكل أو بآخر من استجرار الماضي ونكء الجراحات ونبش الخلافات من أجل تشويه الطرف الآخر وتحميله مسئولية ما حدث ويحدث في البلاد من أزمات ومشاكل وكيل الاتهامات ضده وإن كانت اتهامات لم يتم إثباتها حتى الآن، كجرائم القتل التي اُرتكبت أثناء أحداث 2011م والتي حتى الآن لم تصدر أية إدانات فيها لأي طرف أو أشخاص، فقط مجرد اتهامات تفتقر للقرائن والأدلة، لكن رغم ذلك تجد البعض يوزعونها جزافاً فقط لاستعداء واستفزاز الطرف المناوئ له. • إن مثل هذه الممارسات هي السبب الرئيس في أننا لم نلمس حتى الآن الجدية وصدق النوايا من الطرفين لإنجاح الحوار، حيث لا يزال كل طرف يتربص بالطرف الآخر، وكل منهما يسوِّق مبررات يؤكد معها سوء نية الآخر تجاه الحوار ورغبته في إفشاله، ومع أن النوايا لا يعلمها إلا الله إلا أن البعض ربما أصبحوا على معرفة وخبرة بقراءة النوايا، يتنبأون بالشر قبل وقوعه فقط ليحملوا مسبقاً الطرف الآخر ما قد يحدث من فشل لمؤتمر الحوار (لا قدّر الله). • إن استمرار الخطاب الإعلامي في السير باتجاه زرع بذور الشقاق بدلاً من الوفاق، والجنوح إلى الاستفزاز وإثارة الأحقاد أكثر من الدعوة للتهدئة وبث روح المحبة والتآخي والتآلف أمر خطير جداً لن يؤدي فقط إلى إفشال مؤتمر الحوار، بل سيؤدي إلى تمزيق النسيج المجتمعي وهو ما لا يرضاه أحد. • نتمنى أن يرقى إعلامنا إلى مستوى المسئولية الوطنية وأن يعمل بشكل أمين ونزيه، بعيداً عن المصالح الشخصية أو الحزبية أو الفئوية، يكون داعماً للعمل الوطني والنظر إلى المستقبل بالكثير من التفاؤل وليس أداة لتصفية الحسابات، إعلام يستثمر المناخ الديمقراطي الراهن وحرية الرأي في توعية المجتمع والإسهام في بناء الوطن وليس إعلاماً يتعمد إثارة الفتن والنعرات المذهبية والطائفية والمناطقية بين أبناء الوطن الواحد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك