سيمضي وقت غير طويل داخل أروقة مؤتمر الحوار الوطني حتى تستعيد الأطراف موضوعية طرحها ، خاصة تجاه القضايا الشائكة والمعقدة كالقضية الجنوبية الي لم يعد يختلف على عدالتها اثنان ،وبأنها تمثل جوهر الاشكالية وأساس الحل من مختلف أوجه الأزمة اليمنية .. واقصد بالموضوعية في الطرح ضرورة ترشيد الخطاب السائد داخل أروقة المؤتمر وتهذيبه من حالات التشنج والمبالغة في تحديد سقوف التسوية .. وهي حالة طبيعية بالنظر إلى مجمل التداعيات التي واكبت الأزمة طيلة السنوات القليلة الماضية وأصابت الجميع بحالة من الاحباط والقلق . من هنا أعتقد أن تشذيب هذا الخطاب يتطلب فسحة كبيرة من المناقشات والسجالات التي تطرح القضايا والموضوعات دون رتوش أو تزييف ، فضلاً عن ضرورة انفتاح القوى داخل المؤتمر على بعضها البعض وتلمس الهموم والصعوبات ، سواءً في الماضي أو الحاضر ، والعمل بالتالي البحث في المعالجات الناجعة دون تسويف أو مماطلة ! وفي اعتقادي المتواضع ، فإن ثمة ضرورة للتعجيل بوضع النقاط العشرين التي اقترحتها اللجنة الفنية للحوار عطفاً على النقاط الاثنتي عشرة التي وضعها الحزب الاشتراكي اليمني قبل ذلك لمعالجة القضايا الوطنية الملحة والمعقدة وتحديداً في ما يتعلق بالقضية الجنوبية ، حيث يتطلب الأمر سرعة تنفيذها وترجمتها على أرض الواقع ، إذ ستكون بمثابة انطلاقة تهيئ أرضية الملعب بدخول الأطراف في حوار جدي ، يسهم بصورة مباشرة في تهدئة الشارع الجنوبي تحديداً وتشجيع ممثليه داخل أروقة الحوار الوطني إلى التعاطي مع القضايا المطروحة بفاعلية وإيجابية وبلغة تحافظ على المشترك بين قوى المجتمع.. ومن هنا ينبغي – أيضاً – ألاّ يضيق البعض بالحوار مهما كانت سقوفه مرتفعة ومهما تبدت القضايا صعبة ومتداخلة وشائكة ، ذلك لأنه لا خيار أمام اليمنيين غير الاقتناع بالحوار الذي ينبغي أن يفضي في نهاية المطاف إلى مخارج إيجابية تساعد اليمنيين للخروج من أسر هذا التخندق المناطقي و الجهوي والطائفي وتؤكد –بالفعل – أن اليمن الذي قدم أنموذجاً حضارياً يحتذى في اطار نقل السلطة سلمياً ، كذلك هو الحال في القدرة على إدارة الفترة الانتقالية بكل اقتدار ومسؤولية .. عن طريق ايجاد وتوفير الضمانات الكفيلة بالمعالجات الناجعة بمجمل كل تلك التحديات والإشكالات المنتصبة أمام قيام الدولة وسيادة النظام والقانون ،وذلك من خلال وضع مشروع نهضوي بديل للدولة التي فشلت طيلة العقود الخمسة الماضية في أن تكون ملبية لطموحات الناس الذين خرجوا من أجل تفعيل قيم العدالة والمساواة والحرية والعيش الكريم .. وبأن تنهض بمقدرات المجتمع والانطلاق به للحاق بركب العصر. ولذلك علينا القبول بالحلول الممكنة مهما كانت كلفة ومرارة معالجتها خاصة أنه لا خيار أمام النخب السياسية واليمنيين بصورة عامة غير القبول بالحوار ، أما ماعدا ذلك فكلها خيارات صعبة كلفتها التشظي والاحتراب... وهو ما يستدعي بالضرورة من هذه النخب أن تتنازل لبعضها البعض والعمل – جدياً – على تهيئة أرضية ملعب الحوار الذي يتسع لكل أبناء الوطن دون استثناء. رابط المقال على الفيس بوك