كانت الرقابة الإمامية على انتشار الأسلحة تغطي جميع قرى المناطق المحتلة عبر عقال هذه القرى، وتركزت الأسلحة في أيادي عقال القرى ومشائخ المناطق وهم عيون الإمام المفتوحة وطابوره الخامس الثابت وكانت عدن متميزة عن بقية الإمارات والسلطنات والمشيخات التي وقعت مع الإدارة البريطانية معاهدات حماية وأوكلت أمر حمايتها إلى القوات البريطانية إذ سادت فيها القوانين والأنظمة واللوائح الحديثة المانعة لحمل الأسلحة والمتاجرة بها وفيما يتعلق بخارج حدود عدن وبحسب ما ذكر سابقاً فإن سوقاً أخرى للسلاح قد فتحت في الحوطة عاصمة السلطنة اللحجية وكان بعض أبناء الصبيحة هم أصحاب تجارة الأسلحة ويستوردونها من سوق “دار سعد” وتسريبها إلى المناطق المحاذية. ولم تتحول هذه السلعة قبل 1962م إلى تجارة الجملة في الأسواق التابعة لمملكة صنعاء، غير أن أمر تدفق الأسلحة إلى أيادي السكان أصبح من الملفات الهامة والساخنة والتي حظيت باهتمام السكان على اختلاف مراتبهم الاجتماعية. الحكومة الجديدة في صنعاء والقوات المصرية التي هبطت إلى الأرض ومن أجل مواجهة القبائل المتمردة والمؤيدة لبيت حميد الدين المخلوعة من السلطة في صنعاء ضخت أسلحة حديثة من كافة الأنواع، وهذه الأسلحة استطاعت الصمود ومواجهة الأسلحة التي ضختها الدول الإقليمية المؤيدة لبيت حميد الدين نكاية بالنظام العسكري المصري المتدخل في صنعاء.. وقد وجدت القبائل والأفراد الفرصة السانحة للحصول على الأسلحة من طرفي الدعم في الرياض والقاهرة. ودخلت البلاد في فترة جديدة تميزت بالاستقطاب البشري من خلال تقديم حافز ليس فقط من المال بل بتقديم الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ولذلك ظهرت في بيوت الإقطاع السياسي كمية كبيرة من الأسلحة سواء القادمة من خزائن أسلحة دول الإقليم والقاهرة أو من الغارات والغنائم في ميدان المعارك. وبعد اندلاع حرب تحرير الجنوب سنة 1963م تعرف ريف الجنوب كله وبالتدريج على كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة التي تدفقتا من المناطق المحاذية، ماوية، قعطبة والبيضاء.. الخ كما تسربت الأسلحة وبكميات كبيرة ونوعية إلى عدن بعد فتح جبهتها سنة 1964م والتي قادها كل من فيصل عبداللطيف وعبدالفتاح إسماعيل وعلي صالح عباد “مقبل” ومحمد صالح مطيع.. وبفتح جبهة عدن العسكرية وتصاعد العمليات الفدائية من قبل مقاتلي الجبهة القومية وجبهة التحرير أغلقت السلطات البريطانية سوق “دار سعد” كما أغلقت السلطات اللحجية سوق “الحوطة” للأسلحة والمعدات العسكرية وبذلك تكون الإدارة الإنجليزية قد جففت أسواق الأسلحة العلنية وبدأت فترة جديدة تميزت بتدفق أسلحة من أطراف إقليمية ودولية شاركت في تمويل حرب التحرير. وأن الأسلحة التي أصبحت في أيادي وحدات جيش التحرير وجماعات الفدائيين تحولت في آخر مرحلة من مراحل حرب التحرير إلى أدوات قاتلة حصدت أرواح مئات المقاتلين والفدائيين بعد إندلاع حربين أهليتين أواخر سنة 1967م تمهيداً أو طمعاً في استلام السلطة التي وافقت بريطانيا لتسليمها للسياسيين المحليين وتجمدت هذه الفترة البئيسة باستلام الجبهة القومية مقاليد الأمور في 30 نوفمبر 1967م. واعتمدت سلطة دولة الاستقلال التي سيطرت عليها منفردة، الجبهة القومية على تلك الأسلحة التي تركتها القوات العسكرية والأمنية البريطانية في مخازن وحوزة القوات المسلحة إضافة إلى جمع الأسلحة من جماعات المقاتلين سواء بطريقة متفق عليها سلمياً أو عن طريق استخدام القوة كما جرى لبعض وحدات جيش جبهة التحرير في ردفان والضالع والمسيمير..الخ. وهذه الأسلحة استخدم بعضها في معارك داخلية وعلى الحدود لمواجهة جيش الإنقاذ الذي كان يقوده باعشن وأحمد بن فريد الصريمة قبل انتقاله إلى سلطنة عمان. رابط المقال على الفيس بوك