بقدر اعتزازنا بالمواقف التي يعبر عنها الأشقاء, ومن ذلك ما جاء في البيان الختامي للقمة العربية بالدوحة من تأكيد الالتزام الكامل بوحدة وأمن واستقرار اليمن ورفض التدخل في شؤونه الداخلية, فإننا نتطلع من الأشقاء إدراك حقيقة أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة والمتدهورة هي من أوصلت اليمن إلى مشاكل وأزمات انعكست تداعياتها على أمن واستقرار البلد وحالته السياسية والشعور السلبي من البعض تجاه الوحدة, دون أن نغفل أسباباً وعوامل داخلية, بالطبع لا ندفن رؤوسنا في الرمال أو نتعامى عنها. والحقيقة أن لا أحد ينكر دور وجهود الأشقاء في محيطنا الإقليمي بدرجة رئيسية عبر المبادرة الخليجية التي مكنت من احتواء الأزمة ووأد حرب أهلية كانت محتملة, كما لا أحد بمقدوره أن يتجاهل الدعم المقدم عبر مؤتمرات المانحين لتمكين اليمن من تجاوز آثار الأزمة. ولأن الجميع يعرف أن استيعاب مساعدات المانحين يسير بشكل بطيء, فضلاً عن أن التعهدات أغلبها لم تقدم بعد, وحتى لو توفرت فهي تلامس جزءاً بسيطاً من ملايين اليمنيين الذين يعيشون حالة بطالة حادة وفقرًا مزمناً, والسبيل الأمثل لمن يريد أن يساعد اليمنيين يبقى مرهوناً بدرجة رئيسية بفتح أسواق العمل لليمنيين باعتبار أن “الأقربون أولى بالمعروف”. من جانبنا نحن في اليمن ندرك أننا جزء من محيطنا في الجزيرة والخليج وأننا جميعا في سفينة واحدة وأصبحنا على المستوى الشعبي والرسمي أكثر صرامة في التصدي لأولئك الذين يعملون سياسيا وإعلاميا على تعكير صفو هذه العلاقات مع الأشقاء, انطلاقا من أن هذا هو نهج مبدأي وأخلاقي وكذلك لأننا استوعبنا جيداً دروس الماضي التي كان يدفع فيها شعبنا فاتورة أخطاء ليس له فيها ناقة ولا جمل. مواقفنا اليوم باتت أكثر تقاربا مع الأشقاء في محيطنا الخليجي , والسواد الأعظم من الشعب اليمني وقواه السياسية والحزبية على ذات المنوال في إعطاء الأولوية لعلاقات متميزة مع الأشقاء والاصطفاف في وجه التدخلات الخارجية وخصوصا الإيرانية في الشأن اليمني. وبالتالي فإن مفهوم “أمن اليمن هو من أمن الخليج والعكس” له دلالات عميقة تتجاوز مجرد التعاون في المجال الأمني المعزز بالسلاح والتأهيل والتدريب وإنما يعني: أمن اقتصادي وأمن اجتماعي وثقافي, وأي ظروف صعبة يعيشها اليمنيون هي توفر بيئة خصبة وحاضنة لأولئك المتطرفين ولتلك القوى التي تحاول إيجاد موطئ قدم في اليمن من اجل العبور إلى الدول المجاورة في الخليج. ومن هنا نعتقد أن جميع إخوتنا وأشقائنا في دول الجوار يدركون أن اليمنيين هم أولى بالحصول على فرص عمل في الأسواق الإقليمية, فضلاً عن أن المغتربين الذين يعملون هناك من مدة طويلة يستحقون معاملة أفضل باعتبارهم جزءاً من ذلك النسيج الاجتماعي ومن الواجب الديني والأخلاقي أن يحظوا بمعاملة تليق بكونهم إخوة. نعرف أن المغتربين اليمنيين في بلدان منطقة الخليج تتفاوت أوضاعهم واللوائح التي تشكل في مكان مزايا وفي مكان آخر معاناة بالنسبة لهم, ولكن بصورة عامة نعتقد أن الصورة واضحة أمام من يريد أن يقرأ الرسالة ويتفهم حجم الألم الذي يشعر به الناس هنا. رابط المقال على الفيس بوك