لا ندري بماذا سترد أحزاب اللقاء المشترك على قيام بعض عناصرها بمهاجمة مكاتب التربية والتعليم والمنشآت التعليمية والجامعات في عدد من المحافظات والمديريات، والاعتداء على موظفيها ومنتسبيها وإتلاف محتوياتها بما في ذلك السجلات التعليمية الخاصة بالطلاب. ولا ندري أيضاً أي مبرر يمكن أن تفسر به أحزاب المشترك ذلك التصرف الأهوج والتخريب المتعمد، الذي طال العديد من المرافق التعليمية خاصة وأن مظاهر هذا العبث قد شاهدها الجميع عبر عدد من القنوات الفضائية، مما يغدو معه من الصعوبة بمكان أمام هذه الأحزاب أن تجد تفسيراً مقنعاً لذلك الاستهداف الذي تعرضت له منشآت تعليمية يفترض أنها تكتسب قدسية يجلها ويحترمها الجميع بالنظر إلى الدور الذي تقوم به والرسالة السامية التي تؤديها. تعلم أحزاب اللقاء المشترك ويعلم أبناء الشعب اليمني جميعاً أن ما جرى يوم أمس من اعتداء لمكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز لم يكن عملاً عفوياً أو جاء ناتجاً عن فورة غضب لحظية أو مجرد اجتهاد من بعض الشباب الذين غاظهم تركيز أقرانهم على تعليمهم وتأدية امتحاناتهم، مؤمنين بأن أكبر ثورة تحققها المجتمعات هي الثورة التعليمية باعتبارها أساس كل التحولات النهضوية الشاملة. وانه ونتيجة لذلك فقد أفرغ أولئك الشباب جام غضبهم على عدد من مكاتب التربية والتعليم والمنشآت التعليمية تدميراً وتخريباً وتكسيراً، فالحقيقة أن هؤلاء لم يكونوا ينفذون سوى مخطط مرسوم لتعطيل العملية التعليمية، التي لا شك وأن أحزاب اللقاء المشترك قد وضعتها ضمن أسلحة المواجهة، وهو ما بدا واضحاً في محاولة هذه الأحزاب تعطيل العملية التعليمية كلياً، ظناً منها أنها بذلك ستزيد من ضغوطها على الحزب الحاكم والحكومة، فيما هي تلحق الضرر البالغ بأبنائنا الطلاب الذين يحرمون من مواصلة تعليمهم. ولا نعتقد أن من الصواب أو الرشد السياسي أن تصبح العملية التعليمية واحدة من أوراق اللعبة السياسية حيث وأن الضرر سيصيب كل مفاصل المجتمع الذي سيخسر جيلاً بأكمله نعلق عليه آمال الحاضر والمستقبل. وإذا كان من مصلحة الجميع النأي بالعملية التعليمية عن المعارك السياسية والحزبية، فإن من مصلحتهم أيضاً أن يدركوا أن استتباب الأمن هو الكفيل وحده بترسيخ عوامل الاستقرار التي توفر الغطاء لتحقيق التطور السياسي والنهوض التنموي بمختلف جوانبه وفروعه، وأن اختلال الأمن سيعرض بلادنا ومجتمعنا إلى انتكاسات خطيرة، ولن نحتاج إلى جهد كثير للتدليل على ذلك فإذا ما ذهبنا إلى محيطنا العربي وتابعنا المشاهد على طبيعتها سنجد أن غياب الأمن كان السبب المباشر الذي أغرق الصومال على سبيل المثال في معارك مفتوحة على كل الأزمنة. وإذا ما استوعبنا هذه الحقيقة بصدق، وبعيداً عن التفكير المتهور فإن بوسعنا إيجاد الحلول والمعالجات الصائبة لكل إشكالات الأزمة الراهنة بدون أي ضجيج أو انفعالات أو شكوك أو توجس. بل اننا وتبعاً لهذا المنطق سنكون أكثر قدرة على استلهام واستشراف معاني ودلالات مبادرة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، في بعدها الأخوي الذي يتجسد فيه حرص الأشقاء على وحدة وأمن واستقرار اليمن وأنهم الذين ينظرون إلى أمن اليمن كجزء لا يتجزأ من أمن دول الجزيرة العربية والخليج، والعكس صحيح. واتساقاً مع هذه الروح تأتي الجولة الخليجية للدكتور علي محمد مجور رئيس مجلس الوزراء والتي ينقل خلالها رسائل من فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لإخوانه قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية منسجمة مع إيمان الجميع بأن اليمن وأشقاءه في مركب واحد، كما أن آمالهم وأحلامهم وهمومهم واحدة. وفي كل الأحوال فإن ما ننشده اليوم من أحزاب اللقاء المشترك هو إفساح المجال أمام كل المساعي الخيرة والجهود المبذولة من أجل احتواء الأزمة التي يعاني منها الوطن اليمني، وذلك بالابتعاد عن التحريض على أعمال العنف والفوضى التي تلحق الأذى والضرر البالغ بالوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا.. فيكفي ما لحق بهذا الوطن من تأثيرات سلبية وما تعرض له اقتصاده من انتكاسات وما يعتمل في صدور اليمنيين من مشاعر الخوف والقلق على بلادهم ومستقبل أجيالهم.