فِي “ مؤتمرِ الحوارِ الوطنيّ” أمناءُ عموم وممثلو أحزاب وتنظيمات سياسية, ممثلو منظمات مدنية وقطاع خاص, شخصياتٌ رائعة. وسياسية مستقلة رائعة .. فيه تواجدٌ للشباب والمرأة, تواجد لمشائخَ وشخصيات اجتماعية, تواجد لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة “ جمال بن عمر” تواجد لوسائل إعلامية, تُنْقَل وقائعُ وفقراتُ فعالياتُه وجلساتُه أولاً بأول, وبشفافية وعلنية, قوى تقليدية ومراكز قوى هي الأخرى تتواجد فيه. في مؤتمر الحوار الوطني, يتحدث الكل عن ماضٍ القى بظلاله, بحمله, بتخلفه, وبأخطائه, على شعب “ طَحَنَته” سياسات أنظمة حكم “ جَثَمَتْ” على صدره عقوداً من الزمن, ماضٍ يتحدث الكل عن كيفية التغلب على تبعاته .. يتحدث الكل عن حاضر, عن مستقبل “يَتَخَلّق” بمدنية, يتطلع إليه اليمنيون بشوق .. يتحدث ويتحاور الكل عن مواضيعَ أقرها النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني. في الجلسة الافتتاحية والجلسة العامة الأولى تحدث: رئيس الجمهورية/ رئيس مؤتمر الحوار الوطني “ عبد ربه منصور هادي”, ممثل الأمين العام للأمم المتحدة “جمال بن عمر”, الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي “عبد اللطيف الزياني”, أمناء أحزاب وتنظيمات سياسية, ممثلو شباب ومستقلين .. وتحدثت المرأة وآخرون, تحدث الكل عن: أهمية مؤتمر الحوار الوطني ونجاحه, مخرجاته, الأمن والاستقرار, دولة مدنية حديثة, تحدث الكل عن: إجماع محلي وإقليمي ودولي بضرورة الانتقال الكامل للسلطة, التحول والتغيير, تنفيذ النقاط العشرين, هيكلة الجيش والأمن, تحدثوا عن: رغبة شعب في استغلال موارده وإمكانياته, استغلال أمثل, رغبة شعب في شراكه نِدِّية مع دول الجوار ودول العالم, التزام أعضاء مؤتمر الحوار بتعليمات وقواعد النظام الداخلي للمؤتمر. في مؤتمر الحوار الوطني, يتحدث الكل عن: “القضية الجنوبية”, “قضية صعده”, دولة اتحادية فدرالية, دولة اتحادية بإقليمين, دولة اتحادية بأكثر من إقليمين, يتحدثون عن الديمقراطية والتعددية السياسية, التداول السلمي للسلطة, النظام والقانون .. يتحدثون عن مفردات ومفاهيم, هي في الحقيقة – وفي حالة ثبات مواقف المتحاورين تجاهها – فإن البعض منها يقترب من مفاهيم ومفردات مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. ما يعكر مزاج المتحاورين, مزاج الشارع, مزاج المشاهدين للقنوات الفضائية هو, توافد مسلحين إلى ساحات وقاعات مؤتمر الحوار, متجاوزين حرمة المكان والنظام الداخلي للمؤتمر .. في مظهر يعكس إصرار البعض على “ضرب” و “قتل” مدن المدنية, الحوار, فعل “ غبي” يبقي صاحبه في مكان “ محاصر” ب “لعنات “ و “ تندر” من حوله وعامة الناس.. في مكان “ مستنقع” و “موبوء” يسكنه الرافضون للمدنية, الرافضون للنظام والقانون. فعل “غبي” يُبْقِي صاحبِه في مكان محاصراً ب «رغبة» شعب يتطلع, ومن بوابة مؤتمر الحوار الوطني, إلى دولة مدنية, دولة المواطنة المتساوية, دوله النظام والقانون, دولة بلا “ منغصات”, بلا “ قتل “ ب “ دم بارد” بمجرد مشادة كلامية و “ شجار” لا يرتقي إلى مشكلة .. رغبة شعب بدولة يتوافد إليها شركاء التنمية, والمستثمرون والسائحون, لا تٌرْهِبهُم مظاهرُ مسلحة .. فعل غبيّ يدرك صاحبُه بأنه بمثل هكذا فعل, يكون قد “ حَرمَ” نفسه شرف المشاركة “ في حوار وتهيئة وتحضير للجديد. ما يعكر صفو ونقاء مؤتمر الحوار الوطني هو إصرار البعض على تحدي رغبة اليمنيين في الأمن والاستقرار.. إصرار البعض على أن يبقى “ أسيراً” للماضي, ليبقى “أضحوكة” في مجتمعه, في عالمه, في ظل وسائل إعلام متطورة, وثورة معلومات واتصالات تنقل كل حدث أو مظهر, تنقله عالمياً, وفي ثوانٍ, ليبقى مثل هؤلاء أضحوكة العالم. ما يعكر مزاج المتحاورين, والراعين لمؤتمر الحوار الوطني هو انسحاب شخصيات سياسية من عضويته, فعل أُرِيدَ به إرباكُ فعاليات المؤتمر, وإلاّ ماذا يعني انسحاب شخصيات سياسية, بدت ومنذ وقت مبكر مساهمة وبفاعلية في فعل ثوري قُصِدَ به في حينه “ التغيير”, وهى في نفس الوقت لاعبٌ رئيس في ثورة التغيير 2011م .. فعدم استيعاب عدد لهذا الطرف أو ذاك بدون قصد لاسيما في ظل تزايد تعدد الأطراف لا يُبَرِّر الانسحاب من عضوية مؤتمر الحوار الوطني في ظرف مثل هذا. انسحاب يتزامن مع تصريحات لسياسيينَ وأعضاء في مؤتمر الحوار, تتناولها وسائل إعلامية من وقت إلى آخر, توحي بالتفاؤل, و بجدية المتحاورين واستيعابهم لما يدور, ولمتغيرات محلية ودولية .. توحي بأن اليمن يغادر الآن “ شخصنة” قضيته كما كان يريد لها البعض, يريد له اختزال قضيته في خلاف بين أركان نظام حكم, أو بين عوائل وأسر مشيخية قبلية. ما يعكر مزاج أعضاء مؤتمر الحوار الوطني وعامة الناس هو سلوك آخر, ومظاهر أخرى, تتمثل في استهداف أعضاء المؤتمر, كما حدث لممثل جماعة الحوثي “ عبد الواحد أبو رأس” واستهداف مسئولي بعض مؤسسات ومنظمات عامة, و رئيس الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة “ عبد الله الفضلي” أنموذجاً. وعليه, فأن عقد فعاليات وجلسات تمهيدية في إطار الجلسة العامة الأولى, تمثل ضرورة قبل “ الولوج” إلى فعاليات وجلسات مناقشة المواضيع التسعة المحددة في النظام الداخلي للمؤتمر .. ضرورة لتدريب وتأهيل وتنمية قدرات المتحاورين, ضرورة لانضباط فعاليات وجلسات المؤتمر. خلاصة القول, مؤتمر الحوار الوطني, يستمد «شرعية» وجودِه و «مشروعية» تحركِّه, وعقد جلساته وإقامة فعاليته, من رغبة شعب, يريد تجاوزَ محنتِه وتخلفه, من رغبة شعب في دولة مدنية حديثة, من تأييد إقليمي ودولي, من رغبة شعب في ظل متغيرات محلية ودولية ومفاهيمَ جديدة تمثل عوامل نجاحه .. مؤتمر الحوار الوطني مكون رئيس في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة .. مؤتمر الحوار الوطني له لوائحه وأنظمته, له نظام داخلي على أعضائه بالكامل احترامها, ليجسدوا مفهوم المدنية بأكمل صورة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك