من المفيد بل الضروري مراجعة ما كان بالأمس القريب في المنطقة العربية، لكي نقترب من مُعاينة الحقيقة الماثلة في المنطقة برمتها، وهي في شواهدها ومشاهدها الكئيبة تؤشر إلى حالة من التنافي الداخلي المقرون بقدر كبير من التعصب والاستقطاب، وعدم الاعتراف بالحقيقة الموضوعية القائلة بأن كل زمان ومكان سياسيين لا معنى لهما بدون التنوُّع، والتنوع الأقرب الى التدافع والمُغالبة. لكن التدافع الحميد مقرون بفن إدارة الخلاف والاختلاف الموصول حصراً بالمصالح المشروعة لمختلف فئات المجتمع، وهذه المصالح لا يمكنها أن تُعبِّر عن نفسها دونما تحديد واضح لمعالمها. هذا ما حدث في كامل العالم الرشيد الذي انتهى إلى جوهرية القوانين الوضعية بوصفها تُرجماناً مؤكداً لمقاصد الشرائع الأرضية والسماوية، وهذا ما نفتقر إليه في العالم العربي، ممَّا يُفسر حالة الغليان الدائمة والمتجددة، بوصفها حالة نابعة من أقاليم المتاهات الحياتية، والحيرة الدنيوية، والقهر الاجتماعي الذي يصل إلى حد التقطير العُنفي فيزيائياً ونفسياً. لكنني هنا لست بصدد مواصلة هذا الاستطراد الذي قد يبدو مفارقاً للعنوان، وعليه من المهم العودة إلى فكرة الحصار المزدوج التي ظهرت في تطبيقاتها الأكثر نمطية بعد الحرب العراقية الإيرانية الظالمة، لكنها لم ولن تختفي في المدى المنظور مما سنأتي على أبعادها لاحقاً. تلك الحرب شُنَّت من قبل أحد “أشاوس” العرب المُجيَّرين اليوم على ذمة الغيب، وكانت بدقة العبارة حرباً بالوكالة قام بها من استوهم أنه الحارس الأمين لشرق العالم العربي. شُنَّت تلك الحرب لتقويض مشروع “الدولة الاسلامية” في إيران، والتي أرعبت اليهودية السياسية الدولية المُتصَهينة، لمجرد أنها تنتمي إلى فقه ديني تاريخي لا يختلف في بعض ملامحه عن النصوص اليهودية التوراتية الغارقة في لجة النبوءات والغيوب، والقائلة بحرب “هرمجدونية” قادمة “ستملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً”!!.. لكنها بحسب هذا الفقه الديني التاريخي ستعيد العدالة المفقودة للنوع اليهودي المُطارد أبد الدهر، وستمكنهم من الأرض الموعودة، وستجعلهم الغالبين.. وللحديث صلة.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك